Author

فتات الأخبار

|
تأتي القصة الصحافية الناجحة وخلفها مئات الأسباب التي دفعتها لتكون كذلك، وقياس النجاح عادة مرتبط بمدى الانتشار والتأثير، وهي نتيجة طبيعية للجهد المضني الذي يمتد أياما وأحيانا شهورا في البحث والمقارنة والتحليل ونبش ما طوي وقراءة ما خفي، لكن صحيفته ليست ذائعة الصيت كما يجب في مواقع التواصل الاجتماعية، ومن سوء حظ القصة ألا تحصل على الانتشار كما ينبغي، فتقع فريسة سهلة للحسابات المؤثرة.
هذا المشهد تكرر على نحو مختلف وغير مسبوق، إذ نشب خلاف بين الحكومة الأسترالية وشركة فيسبوك، وحجبت الأخيرة خدماتها في البلاد، ردا على قانون مقترح من شأنه أن يجعل "فيسبوك" وعمالقة التكنولوجيا يدفعون مقابلا ماديا للمحتوى الإخباري، ومثل ذلك فعلت "جوجل"، لكن باءت محاولات الضغط لثني الحكومة الأسترالية وحكومات العالم بالفشل، وتوصل المتنازعان إلى اتفاق بموجبه تدفع "فيسبوك" للمؤسسات الإعلامية في سابقة هي الأولى من نوعها، ويعد تحولا في النموذج الاقتصادي المتبع لشركات التقنية.
من وجهة نظري، قدمت أستراليا ربما من حيث لا تعلم خدمة جليلة للمؤسسات الصحافية في العالم، خصوصا تلك التي تعاني ضعفا في مواردها من عدة وجوه، أبرزها تخفيف سطوة المؤسسات التقنية على وسائل الإعلام وإعادة الاعتبار لها بوصفها مصدرا رئيسا للأخبار، وهو ما دفع "فيسبوك" إلى أن تغازل المؤسسات الصحافية بدعم يصل إلى 100 مليون دولار سنويا، لذا هي فرصة لأن تعاود المؤسسات الصحافية النظر إلى نفسها مجددا وإنتاج نماذج تساعدها على تسويق محتواها بطريقة مبتكرة تحفظ حقوقها وتسد الطريق أمام الحسابات التي تقتات على فتات الأخبار والأخضر واليابس من جهود الصحافيين.
إنشرها