"البقرة ذات النافذة" خطة "نستله" للوصول إلى الحياد الكربوني في 2050

"البقرة ذات النافذة" خطة "نستله" للوصول إلى الحياد الكربوني في 2050
يتم تلبيس الفتحة بأسطوانة مطاطية مع غطاء محكم من المعدن أو البلاستيك يمنع الهواء.

لتحقيق هدفها في مجال الحياد الكربوني بحلول 2050، تريد سفينة الأغذية العالمية "نستله" تغيير طبيعة مضمون كروش الحيوانات المجترة لتقليص إنتاجها من الميثان، وهو غاز يبلغ تأثير الدفيئة فيه نحو 30 ضعف ثاني أكسيد الكربون.
الخطة التفصيلية، التي كرست الشركة لها 3.2 مليار فرنك (3.6 مليار دولار)، فشلت في كسب تأييد بعض المنظمات غير الحكومية المعنية بالدفاع عن الحيوانات، التي أعربت عن خشيتها من تأثير هذه التدابير في صحة وفطرة الحيوانات. بعض الاقتصاديين عدوا خطة "نستله" لتقليص الميثان "متناقضة" مع طموح الشركة في التوسع والنمو في الإنتاج.
واتخذت شركة نستلة، التي تعد أكبر شركة للمواد الغذائية في العالم استراتيجية "التغيير نحو الإنقاص"، للحد من انبعاثات الميثان من الماشية في المزارع، التي تغذي فرعها لمنتجات الألبان والمنتجات الحيوانية.
وفقا لأرقام المكتب الاتحادي السويسري للبيئة، انبعث من "نستله" 113 مليون طن من مكافئ ثاني أكسيد الكربون في 2018، أو أكثر من ضعف انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في سويسرا ككل في العام نفسه. في مواجهة هذا التحدي، تقول "نستله" إنها تريد خفض نصف انبعاثاتها من ثاني أكسيد الكربون بحلول 2030، بما في ذلك استثمار 1.2 مليار فرنك في الزراعة المتجددة، كيف؟
في خارطة الطريق للأعوام الـ30 المقبلة، التي تم الكشف عنها، تقول "نستله" إن خطتها تستند إلى أساس "البقرة ذات النافذة"، وهي بقرة خضعت لعملية جراحية، فتح العلماء خلالها فتحة في جانبها- خلف ضلعها الـ13- بقطر 15 سنتمترا، ويتم تلبيس الفتحة بأسطوانة مطاطية مع غطاء محكم من المعدن أو البلاستيك يمنع الهواء من الدخول إلى "الكرشة"، وتتم العملية، بينما تقف البقرة مستيقظة، مع مخدر موضعي.
من خلال هذه الفتحة المغلقة بصمام يتم إدخال أنبوب (يشبه أنبوب التغذية في الوريد عند الإنسان) للوصول إلى الجزء الأكبر من تجويف الكرش، وهو أول غرفة في القناة الهضمية من مقصورات المعدة الأربع للحيوانات المجترة. وتعد الغرفة الأولى "الكرش" بمنزلة الموقع الرئيس الأول للتخمر الميكروبي للأعلاف المبتلعة.
وتقول نستله إنها ستدعم الابتكار في تعديل كرشة المجترات عن طريق تعديل عمل المعدة المجترة لتجنب انبعاث غاز الدفيئة الميثان، والحد من الانبعاثات الأخرى من خلال إدراج مواد مضافة ومكملات غذائية، سواء عن طريق كرشة الحيوان مباشرة عِبر النافذة، أو في حصص الأعلاف الحيوانية.
وردا على سؤال لـ"الاقتصادية" حول هذه المسألة في مؤتمر صحافي أمس الأول، أكدت كاتيا سايدنشنور مديرة الاستدامة في منطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، هذه الاستراتيجية، لكن مع ذلك ظل الأمر غامضا حول الظروف العملية لهذا التعديل.
وقالت مخاطبة الصحافيين: "بالتأكيد أنه اعتمادا على ما تأكلونه، فإن جسمكم سيتفاعل بشكل مختلف، في حالتنا، نريد أن ندرس أثر الطعام الجديد المقدم للأبقار بهدف الحد من انبعاثات غاز الميثان من الأبقار، مضيفة: "أحد السبل الأخرى، التي توختها "نستله" هو تحسين العمر المتوقع للمجترات لأن تحسين الصحة يقلل من انبعاثات الميثان".
وجاء في بيان الشركة أن استمرار التحسن في رعاية الحيوان سيبقى أولوية للشركة، ومع ذلك، تشعر المنظمات المدافعة عن حقوق الحيوان بالقلق من هذا الإجراء.
وتقول بريجيت جوتييه، المؤسّسة المشاركة لمؤسسة "L214" المعنية بالدفاع عن حقوق الحيوان: "بدلا من طرح مسألة تراجع الإنتاج، تحاول الشركة أن نذهب إلى مديات أبعد، وهذا أمر مقلق، ليس لدينا أي فكرة عن العواقب على صحة الأبقار ورفاهها، لكن في الماضي، كانت الزيادة في الإنتاجية تأتي دائما على حساب الحيوانات". وكانت هذه المنظمة هي التي كشفت فضيحة تتعلق بالأبقار في فرنسا 2019، واشتهرت باسم فضيحة "أبقار النوافد الصغيرة".
وفي بيان أعقب تصوير ونشر أفلام وتوزيع صور عن هذه العملية من قبل "L214"، اتضح أن شركة "جروب أفريل" هي التي تقف وراء هذه التجارب، التي أكدت، بدورها، إنها تجري أبحاثا "للحد من انبعاثات النترات والميثان من الماشية"، بين أمور أخرى.
ورداً على أسئلة الصحافيين حول إمكانية توسيع نطاق الاستخدام المقبل لأبقار النوافذ، اكتفت نستله بالإشارة إلى شراكة تم إنشاؤها في 2017 مع الحكومة الاتحادية للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري في 146 مزرعة سويسرية للأبقار.
ووفقا لمؤسسة "بيتا"، فإن هذا النهج يحكم على الحيوانات بالمعاناة المستمرة أثناء التكاثر والاحتجاز والنقل والذبح، دون أن يعالج قضية تغير المناخ حقا. تقول: إن تغير المناخ والكوارث البيئية ترتبط ارتباطا واضحا بالزراعة الصناعية (المغطاة) ولا يمكن حلها من خلال هذا النهج.
وتقول "نستله" من مقرها في بلدة، فوفيه، المطلة على بحيرة جنيف: نحن ندرك أن الحليب ومنتجات الألبان والمنتجات الحيوانية هي المصدر الرئيس لانبعاثات الكربون في سلاسل التوريد، وقد مثلت هذه المنتجات 34.2 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون في 2018، "أكثر من نصف الانبعاثات الناتجة عن إمدادات مكوناتنا من الأغذية".
بدورها قالت منظمة "جرين بيس/ سويسرا" إن خطة "نستله" غير مقنعة، لأنها تمارس دورا في التلوث البلاستيكي العالمي. ويوضح ماتياس شليجل، المتحدث باسم المنظمة: إذا كانت هذه المبادرة إيجابية غير أن الوسائل الملتزمة بتحقيق ذلك ليست مقنعة، الخطة هي أنصاف تدابير، فبدلا من خفضها إنتاج السلع مثل اللحوم ومنتجات الألبان، وهي الأكثر خطورة على المناخ والتنوع الإحيائي، تقوم "نستله" بتحسين أنظمتها.
وحرص مارك شنايدر الرئيس التنفيذي للشركة العملاقة، على التأكيد أن هذه المبادرة، التي جاءت كجزء من خطة الأمم المتحدة "الطموح التجاري لـ 1.5 درجة مئوية، لن تنتقص من طموحات النمو لدى مجموعة "نستله". كما طمأن المساهمين أن الربحية في 2021 لن تتأثر، وقال إن الاستثمارات في هذا المشروع سيتم تمويلها من خلال عوائد تشغيلية وهيكلية بحيث لا يكون لهذه المبادرة تأثير في الأرباح. أضاف أن "نستله شركة كبيرة متعددة الجنسيات، وستتمكن من استيعاب الخسائر المحتملة المرتبطة بخفض إنتاج بعض المنتجات والبلاستيك".
لكن البروفيسور، دومينيك بورج، عد الحديث عن الشركة الكبيرة والأرباح بمنزلة "نقيض بيئي" مضيفا: "كل شيء متناقض، فاستمرار النمو لا يتفق مع انخفاض انبعاثات الكربون، علينا أن نخفض استهلاك الطاقة وبالتالي نخفض الإنتاج مقابل المعدل السريع، الذي ترتفع فيه سخونة الكوكب، أي مشروع آخر، في نظر العالم، غير كاف".

الأكثر قراءة