الصكوك الإسلامية وإنعاش السوق بعد الجائحة

الصكوك الإسلامية تعد واحدة من الأدوات الأهم في قطاع التمويل الإسلامي، حيث كان الاهتمام بها كبيرا خلال العقد الماضي، خصوصا بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008، واليوم وبعد أزمة وباء كوفيد - 19 التي انتشرت حول العالم وكان أثرها في الجميع، أصبح التمويل له دور مهم لتجاوز الأزمة باعتبار أن القطاعين العام والخاص والمستثمرين عموما، يبحثون عن فرص التمويل للعمل على تجاوز الأزمة وآثارها، وهنا تأتي أدوات مالية مثل الصكوك الإسلامية، لتعزز قدرات هذه المؤسسات في الحصول على السيولة اللازمة، فالفجوة في السيولة أصبحت ضخمة بعد الأزمة، خصوصا أن الأزمة كانت سبب ضعف تدفق السيولة إلى القطاع الخاص بسبب الإغلاقات العامة التي شملت السفر والأسواق والأماكن العامة، والقلق الذي أصاب المجتمعات في العالم بضعف حركة المركبات وتضرر القطاع السياحي، وما ترتب على ذلك من آثار أنهكت بشكل كبير الاقتصاد في العالم.
كما أن من المتوقع أن يكون هناك خطط لتحفيز الاقتصادات الكبرى من خلال برامج للتيسير الكمي، بغرض توفير سيولة أكبر في الأسواق، بما يعزز قدرات القطاع الخاص على استعادة نشاطه، ومن ثم توفير فرص أكبر للوظائف واستعادة عافية الاقتصاد، وهنا تأتي أهمية وجود مصادر التمويل، ومنها مؤسسات التمويل الإسلامي عموما، وإصدارات الصكوك الإسلامية، التي يمكن أن تكون مصدرا رئيسا للتمويل، خصوصا أن هناك وفرة للسيولة لديها باعتبار أن برامج التحفيز توفر فرصا للتمويل بتكلفة منخفضة.
في تقرير صادر عن مجلة قلوبل فايننس Global Finance تحدث أن هناك تباطؤا في نمو التمويل الإسلامي لعام 2020 على أثر الجائحة، فيما سجل النمو للاقتصاد 13 في المائة عام 2019، حيث يبلغ حجمه حاليا 2.88 تريليون دولار، ويتوقع أن يحقق نموا جيدا خلال الأعوام المقبلة ليصل إلى 3.69 تريليون دولار، وهذا مؤشر على تحسن كبير في مستوى النمو المتوقع للتمويل الإسلامي، والصكوك ستكون العنصر الأهم في أدواته، لما تتمتع به من أهمية كبيرة في هذه المرحلة، كما أن لديها مرونة فيما يتعلق بمكان الإصدار ونوع العملة والسوق التي يمكن أن تطرح فيها هذه الصكوك، كما أنها يمكن أن تطرح وتنظم دون أن يكون هناك حاجة إلى وجود مؤسسات للتمويل الإسلامي، فالدول التي ما زال الوجود لمؤسسات التمويل الإسلامي فيها ضعيفا لا يمنع ذلك من إمكانية إصدارها الصكوك.
كما أن الصكوك الإسلامية توفر سيولة من مصادر متعددة وليست المصارف فقط، حيث إن البعض اليوم ونتيجة الإغلاق العام في العالم، أصبح أقل إنفاقا مقارنة بالأعوام السابقة، وبالتالي قد يكون عند البعض وفرة في السيولة يمكن أن يجد في الصكوك الإسلامية فرصة للاستثمار باعتبار أنها أداة منخفضة المخاطر. وقد حققت الصكوك الإسلامية في العقد الماضي نموا جيدا، والأهم هو ثقة المستثمرين بهذا القطاع الحيوي، الذي أصبح ينمو بصورة متسارعة تفوق النمو الذي حققه التمويل عموما.
في المملكة ودول الخليج شهدت الصكوك الإسلامية نموا جيدا، بل تعددت الإصدارات الحكومية، ورغم الجائحة إلا أن الإقبال عليها أصبح كبيرا جدا، حتى تمت تغطية تلك الإصدارات بأضعاف حجمها، ونشهد حاليا إعلان بعض المؤسسات المالية، وهي البنك الأهلي التجاري في المملكة، وبحسب ما ورد في موقع الأسواق العربية، فإن هذا الإصدار من الصكوك تمت تغطيته مبدئيا بخمسة أضعاف حجم الطرح، وهذا يدل على حجم الإقبال الكبير على الصكوك، رغم أنه كما هو معلن، فإن الحد الأدنى للاكتتاب 200 ألف دولار بما يعادل تقريبا 750 ألف ريال، ما يعني أن هذا الإصدار يستهدف كبار المستثمرين، وغاب عن شريحة المكتتبين عامة المستثمرين الأفراد الذين غالبا يوزعون استثماراتهم بحد أدنى من هذا المبلغ.
فالخلاصة: إن الصكوك الإسلامية اليوم تشهد فرصا كبيرة بعد الجائحة، ويمكن أن تكون واحدة من أهم الخيارات للمستثمرين والقطاعين العام والخاص لإعادة بناء أنشطتهم والتوسع في أعمالهم والقدرة على تجاوز أثر الأزمة الماضية بصورة أكبر، كما أن الصكوك الإسلامية تعد أداة ذات موثوقية عالية عالميا، وتوفر خيارات إضافية للتمويل لمختلف القطاعات، وقد يعول عليها على المدى القصير لتعزز من مركز التمويل الإسلامي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي