Author

استراتيجية التعليم الإلكتروني وجائحة كوفيد - 19

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

كوفيد - 19 هو أحد أبرز ما حدث في العالم منذ عقود إن لم تتجاوزها إلى أكثر من قرن مضى، حيث وحد العالم بإجراءات شبه موحدة وأصبح العنوان الوحيد لكل ما يجري في هذا الكون خلال عام، وقد اضطر العالم للتفكير كثيرا والتغيير في سلوكه حيال كثير من القضايا، ومنها التعليم الذي يعد جزءا من يوميات الأفراد في العالم، وأصبح أكثر من تأثر بما يدور في هذا العالم، وتحول الناس إلى التعليم الإلكتروني بدلا من التقليدي اضطرارا وليس اختيارا للحد من انتشار الوباء بين الناس، خصوصا أن الطلاب يمكن أن ينشروا هذا الوباء بشكل واسع بين أسرهم.
بعد التجربة الاضطرارية التي مر بها العالم، أصبح الحديث في مؤسسات التعليم عن تقييم هذه التجربة وكيف يمكن الاستفادة منها لتطوير العملية التعليمية بعد أن تنتهي الجائحة - بإذن الله - خصوصا مع انتشار اللقاحات التي يمكن أن تحد من انتشاره بين الناس، وهذا الأمر تحدثت عنه القيادات في المؤسسات التعليمية ومنهم وزير التعليم في المملكة، الذي أكد أن تجربة التعليم الإلكتروني أو عن بعد، تجربة ستستمر الاستفادة منها حتى مع عودة العملية التعليمية إلى طبيعتها، وكانت هذه التجربة التي مر بها التعليم في المملكة جيدة حتى مع الصعوبات التي مرت بها البلاد، خصوصا في المدن والمناطق النائية التي لم يكن متوقعا أن تكون مهيأة لهذا النمط من التعليم، إلا أن المعلمين والطلاب استطاعوا تجاوز هذه الصعوبات وحصلوا على ما يمكن أن يحصل عليه الطالب في المدن الكبرى من تعليم، بفضل الله ثم دعم حكومي استثنائي كبير وجهود حثيثة من الجهات ذات العلاقة بتسهيل إيصال الخدمات إلى تلك المناطق النائية.
التجربة أجبرت الناس على التعامل مع التقنية بصورة إيجابية، ولو أنه حصلت حملات مكثفة لحث الناس على التعلم من خلال أجهزة الحاسوب أو الهاتف المتنقل "الجوال"، لما تم إقناعهم بذلك ولا بعد أعوام، إلا أن هذه التجربة كانت فعلا محفزا على استخدام التقنية، خصوصا في المملكة، وتعزيز الإمكانات رغم الصعوبات التي واجهتها بسبب هذه الجائحة.
والسؤال هنا، كيف يمكن الاستفادة من هذه التجربة بما يعزز من كفاءة التعليم في المملكة ويزيد فرص الطالب لبناء مهارات مميزة ومستدامة لزيادة رصيده التعليمي والمعرفي من خلال التقنية؟ كما أن الشائع في استخدام التقنية، خصوصا الهواتف المتنقلة، في أمور الترفيه والتواصل، لكن اليوم أصبح التعليم يزاحمهما بشكل كبير.
أحد أهم طرق الاستفادة من التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد هو وجود محتوى إلكتروني جذاب في المنصات التعليمية يسهل على الطالب الوصول إليه لتعزيز فرص استيعاب الموضوعات التي يواجه فيها صعوبة، كما أنها تمكنه من التهيئة التعليمية قبل بدء الفصل الدراسي، إضافة إلى أن في توجيه المعلمين الطلاب لهذه المنصات تهيئة لهم في الموضوعات التي تكون غالبا جديدة وصعبة. ورغم أن التجربة موجودة في الأصل من خلال القنوات التعليمية مثل "عين"، ومحتوى في "يوتيوب"، إلا أنه بسبب عدم الإقبال عليها قبل الجائحة لم تحظ بما يكفي من التطوير، ولذلك يكون البناء على هذه التجربة وتطويرها بشكل جاذب للطالب، ويكون لدى المعلم معرفة محدثة بمختلف التطورات ليحفز الطالب على الاستفادة منها.
من المقترح تحويل بعض المقررات إلى محتوى إلكتروني ليكون الطالب، خصوصا الأجيال القادمة، على صلة وثيقة بالتقنية، واليوم مع هذه التجربة لا يمكن أن يعتذر البعض بعدم قدرته على الوصول إلى هذه المنصات، كما أنه من الممكن أن تكون الاختبارات أو جزء منها من خلال هذه المنصات بغرض معرفة وتقييم أداء الطلاب، ومعرفة جوانب القصور وتوفير معلومات مستمرة عن أدائهم، يتم رصدها رقميا لتطوير العملية التعليمية والاستفادة منها في أي إجراء يمكن أن يحسن قدراتهم ومهاراتهم.
ومن المقترح أن يتم بناء محتوى مهاري وبرامج تعليمية لتطوير مهارات الطلاب وتشجيعهم على الانضمام لها، وتقديم حوافز للمبدعين، ويمكن أن تتم هذه البرامج من خلال التعاون من البرنامج الوطني للكشف عن الموهوبين والجامعات ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية والقطاع الخاص، حيث يسهل على الطالب الوصول إليها إذا ما تم من خلال منصة بشكل ميسر ويومي. لا شك أن الأفكار كثيرة في هذا المجال، ويمكن أن يكون للمعلمين من خلال التجربة معلومات ثرية جدا فيما يتعلق بما يمكن أن يستفاد منه من خلال التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد، خصوصا من له تجربة مع المدارس في المناطق البعيدة ويمكن أن يكون فيها مبدعون، لكن لبعدهم يضعف عندهم الحافز للتواصل مع المؤسسات التي ترعى الموهوبين.
الخلاصة: إن التعليم الإلكتروني والتعليم عن بعد تجربة ثرية يتوقع أن تستفيد منها المملكة كثيرا في المستقبل لزيادة كفاءة لتعليم والكفاءة في الإنفاق، كما أنها ستكون فرصة لتسهيل تواصل الطالب مع المؤسسات التعليمية والمؤسسات التي ترعى المواهب بما يزيد فرص كل مواطن في المملكة أن يحظى بفرص كبيرة لتطوير مهاراته، وزيادة الفرص لديه للوصول إلى ظروف حياة أفضل في المستقبل - بإذن الله.

إنشرها