2020 .. عام الأوبئة
2020 .. عام الأوبئة
استهل العالم عام 2020 بمحاولة التعرف على كوفيد - 19 القادم من الصين، نحو إيطاليا، التي أعلنت الطوارئ الصحية في آخر يوم من كانون الثاني (يناير)، ثم فرنسا التي سجلت أول حالة وفاة في القارة العجوز منتصف شباط (فبراير)، وختمه بإعلان بريطانيا يوم 19 كانون الأول (ديسمبر) العودة إلى إجراءات الإغلاق، مع وجود تقارير حول انتشار سلالة جديدة لفيروس كورونا في البلاد، وتسجيل الدولة العبرية في 21 من الشهر الجاري أول مريض يموت بسبب فيروس كورونا، بعد إصابته للمرة الثانية.
نتذكر جميعا تاريخ 30 كانون الثاني (يناير)، حين أعلنت منظمة الصحة العالمية حالة الطوارئ، نتيجة تفشي فيروس كورونا بشكل عالمي، لكن أقلية يعلمون أن هذا الإعلان سادس حالة طوارئ تعلنها هذه المنظمة، منذ عام 2009، وأكثر من ذلك، لم يكن فيروس كورونا المرض الوحيد الذي هاجم العالم عام 2020، بل شهد كوكب الأرض أمراضا أخرى، بعضها قديم وتجدد، والبعض الآخر يظهر لأول مرة.
فيروس هانتا الصيني
ظهر فيروس يدعي هانتا، بعد انتشار فيروس كورونا وما سببه من ذعر في العالم، في المدينة نفسها التي ظهر فيها هذا الأخير، في وقت لا يزال العلم يتلمس فيه الطريق نحو معرفة دقيقة بفيروس كورونا. بعيدا عن الخفافيش ارتبط فيروس هانتا بالفئران، وظل بعيدا عن الاهتمام والتعاطي الإعلامي، لكونه فيروسا غير معد، فأعراضه التي تراوح بين ضيق التنفس وألم في الجهاز الهضمي والسعال تبقى حكرا على الشخص المصاب به.
الطاعون الدبلي المنغولي
يعد الطاعون الدبلي وباء عالميا قديما، حيث أودى بحياة 50 مليون شخص في القرن الـ14 في مختلف مناطق العالم، ينتقل من الحيوانات إلى الإنسان عن طريق البراغيث، ويعرف في الوسط الطبي باسم "الموت الأسود"، وتراوح أعراضه بين تورم العقد الليمفاوية والحمى والصداع والإجهاد والطفح الجلدي.. عاد إلى الظهور مجددا هذا العام، في مدينة منغوليا- شمالي الصين، وأصدرت سلطات المنطقة الذاتية الحكم تحذيرا من المستوى الثالث للوقاية منه، والسعي نحو السيطرة عليه، بمخطط عمل يستمر حتى نهاية عام 2020، وسجلت خلال هذه الفترة إصابات عدة بينها حالة وفاة.
مرض الهند المجهول
دائما في القارة الآسيوية، وغير بعيد عن الصين، شهدت الهند بداية الشهر الجاري ظهور مرض مجهول الهوية، من أعراضه فقدان الوعي والغثيان والنوبات.. تسبب في نقل ما يفوق 300 شخص إلى المستشفى، وأدى إلى وفاة شخص واحد منهم. انتشر هذا المرض في مدينة في ولاية أندرا براديش، ولم تتمكن السلطات الصحية الهندية حتى اللحظة من التحديد الدقيق لهوية هذا المرض.
داء السالمونيلا الأمريكي
أصاب مرض معد يعرف باسم السالمونيلا، في آب (أغسطس) الماضي نحو 500 شخص في أكثر من 30 ولاية أمريكية، نتيجة البصل الأحمر، بينهم 60 حالة دخلت المستشفى. ومعظم حالات هذا الداء، بحسب تقارير منظمة الصحة العالمية، تكون خفيفة السريان، ويستطيع المصابون بها التعافي دون الحاجة إلى علاج خاص، لكن في بعض الحالات، خاصة عند الأطفال وكبار السن، يمكن أن يصبح الجفاف المرتبط بهذا المرض حادا ومهددا للحياة.
مرض كاواساكي الأوروبي
يعرف هذا المرض طبيا باسم "المتلازمة السام"، ويصيب بالدرجة الأولى الأطفال الصغار دون سن الخامسة من العمر. وسبق لأطباء في عديد من الدول الأوروبية "بريطانيا، إيطاليا، وإسبانيا..." أن حذروا من مخاطر ظهور حالة التهابية متعددة، تتطلب رعاية مكثفة لدى الأطفال، يرجح أن تكون مرتبطة بفيروس كورونا. ومن أشهر أعراض هذا المرض، الإصابة بالحمى لعدة أيام، يتلوها طفح جلدي وتورم في الغدد، واحمرار في الوجه "العينين والشفاه واللسان"، وتورم اليدين والقدمين، واحمرار الراحتين وباطن القدمين، وقد يتطور الأمر في الحالات الخطرة إلى التهاب في شرايين القلب.
فيروس الإيبولا
عاد إلى الظهور مجددا هذا العام، في سبع ولايات في الجنوب الغربي من الولايات المتحدة، وتسببت عودة هذا المرض في نفوق آلاف الأرانب البرية، نتيجة تفشي هذا المرض النادر شديد العدوى، الذي يعرف كذلك باسم "فيروس الأرانب النزفي". يسبب آفات في أعضاء وأنسجة الأرانب، ما يؤدي إلى النزيف الداخلي ثم نفوق الحيوان، وغالبا ما تكون العلامة الخارجية الوحيدة على إصابة الحيوانات بعد نفوقها وسقوطها المفاجئ، هي تسرب إفرازات دموية من أنوفها. حتى اللحظة لا علاج لهذا الفيروس، الذي بمقدوره العيش لأكثر من ثلاثة أشهر في درجة حرارة عادية.
من كان يتوقع أن تكون 2020 سنة أوبئة بامتياز، وربما تكون هذه البداية فقط، أو إنذارا للإنسان اللاهث وراء خياله في مدارج التكنولوجيا بأن يعود إلى النظر في ترتيب الأولويات، فالظاهر أن حصيلة الثورة العلمية والتقنية حتى غير كافية لضمان مطلق الحماية لإنسان القرن الـ21. صحيح أن الذكاء البشري استطاع، بفضل الثورة الرقمية، أن يصنع حياة جديدة في العالم الافتراضي، لكن هذه الكائنات المجهرية تصر على تذكيره بأصله وحقيقته، فأحدث ما في هذه الابتكارات لم يجد نفعا، على الأقل في الحاضر، أمام فيروس استنجد الإنسان بأقدم وأعرق الأساليب للاحتماء منه "العزلة والحجر".