Author

بناء الاقتصاد الرقمي

|
بعد ما يقارب عاما على بدء جائحة كورونا في العالم التي ما زالت آثارها الصحية والاقتصادية تحد من تقدم العالم، يثبت الإنسان مقدرته على مواجهة المخاطر المحيطة به، والتأقلم معها، والتحول نحو إنتاجية أعلى واستدامة الحياة. ألزمت الجائحة كثيرا من الدول للتحول من الحياة النمطية إلى حياة أكثر إنتاجية بالاستفادة من التقنيات الرقمية والمنصات التي تقدم خدماتها عن بعد. وفي الوقت الذي زاد التركيز على الاستثمار في المجال الصحي من خلال عمليات البحث والتطوير لإنتاج اللقاح المناسب لهذا الوباء، إلى زيادة الصناعات المتعلقة بالصحة والنظافة العامة، كما أدى ظهور واستمرار هذه الجائحة إلى بروز شركات التقنية وخدماتها من خلال منصات وبرامج ساعدت على تغيير ثقافة العمل والتعليم وإدارة الأعمال عن بعد.
في مقال للمديرة التنفيذية لشؤون سياسات التنمية والشراكات في البنك الدولي ونشرته مدونات البنك الدولي، يتحدث عن الاستفادة من الهوية الرقمية، يتناول المقال دور الجائحة في التحول نحو تطبيقات الهوية الرقمية Digital identity لتمكين الدول من تقديم خدماتها الاجتماعية والصحية والاقتصادية لمواطنيها دون الحاجة إلى وجود مواقع العمل الفعلية أو وجود المحتاجين فيها. يذكر المقال - على سبيل المثال - كيف سمح نظام الهوية الرقمية في شيلي بالتجاوب بسرعة في تسجيل ملايين المستفيدين غير المسجلين في برامج الحماية الاجتماعية، ومكن المواطنين من التحقق من وضعهم الاستحقاقي في الدعم من خلال الإنترنت، وإذا لزم الأمر، الاعتراض على ذلك. وفي تايلاند حيث تقدم أكثر من 28 مليون شخص بطلبات للحصول على إعانة جديدة للعمال في القطاع غير الرسمي من الجائحة، تمكنت الحكومة من تصفية المستحقين للمساعدات من برامج أخرى. وتمكنت أيضا السلطات في الهند من تسديد دفعات سريعة في إطار برنامج للشمول المالي لأكثر من 200 مليون امرأة نتيجة لتحسين العمليات التي شملت ربط حساب الفرد بالهوية الرقمية.
يتحدث المقال عن أهمية توافر البنية التحتية الرقمية، وقدرة القطاعات على التواصل من خلالها مع التركيز على حوكمة البيانات وتوفير خيارات الوصول اليسير والتوثيق الآلي. يقارن المقال بين مقومات الاقتصاد الرقمي والاقتصاد التقليدي في توفير متطلبات الإنتاج والحياة للمواطنين. فيذكر مثلا أن بلدانا مثل إستونيا وسنغافورة تمتلك نظما إيكولوجية رقمية متقدمة توفر فرصة للسكان للحصول على الخدمات الحكومية والتجارية بالكامل عبر الإنترنت، ما يخفف جزئيا من تعطيل النشاط الاقتصادي نتيجة لجائحة كورونا.
يناقش المقال قضية مهمة تؤرق العالم وهي موضوع حماية البيانات، وحوكمتها، حيث إن مخاطر حماية البيانات قد تؤدي إلى وجود كارثة أمنية واقتصادية على المجتمعات الأقل حماية. وأسهمت جائحة كورونا في تأكيد الحاجة الملحة إلى وجود نظم الهوية الرقمية التي من شأنها أن تسمح للحكومات بتقديم المساعدة الاجتماعية والدعم المالي للأسر والشركات بشكل أسرع وأكثر خضوعا للمساءلة.
ويختم المقال بالخلاصة التالية "بينما تركز البلدان على إعادة البناء على نحو أفضل بعد انتشار الجائحة، فإن لديها فرصة حاسمة للقفز إلى اقتصاد رقمي بدرجة أعلى – والقيام بذلك بشكل يتسم بالمسؤولية. وأيا كان النموذج الذي تختاره، يمكن للحكومات أن تغير حياة الناس في كل مكان من خلال بناء أنظمة للهوية الرقمية تستهدف تحقيق أقصى قدر من الخصوصية والشمول والثقة".
إنشرها