Author

لماذا الاهتمام باختبار تيمز؟

|
يعد اختبار تيمز (TIMSS) من أهم الاختبارات العالمية التي تسعى الدول لتحقيق مراكز متقدمة بها، وهو اختصار "الاتجاهات في الدراسة العالمية للرياضيات والعلوم" (Trends in International Math and Science Study)، وتقوم على هذا الاختبار الجمعية الدولية لتقييم التحصيل (IEA) للوقوف على مستويات طلاب الصفين الرابع والثامن في الدول المشاركة في الاختبار وعددها يقارب 60 دولة، لكنه يختلف حسب عدد الدول المشاركة في كل اختبار. واختبار تيمز أحد المؤشرات العالمية لجودة التعليم في مجالي الرياضيات والعلوم على مستوى العالم، ويعنى بقياس قـدرات التلاميذ في الصفين الرابع والثامن، أي الرابع ابتدائي والثاني متوسط. وتطور اختبار تيمز من عدد من الاختبارات في الرياضيات كان أولها في 1966، مرورا بإضافة مادة العلوم في 1990 عندما بدأ تقييم التحصيل من خلال تقويم أداء الطلاب في مادتي الرياضيات والعلوم معا بشكل دوري كل أربعة أعوام، وشكل ذلك بداية الدراسات الدولية الموسعة لقياس اتجاهات أداء الطلاب، ليبدأ إجراء الدراسة الدولية في الرياضيات والعلوم المعروفة بـ"تيمز" التي تم تنفيذها لأول مرة في 1995، ثم تكرر إجراؤها بعد ذلك كل أربعة أعوام، وكان آخرها في 2019. تجدر الإشارة إلى أن تيمز لا يقتصر على اختبار التلاميذ، بل يشتمل على استبانة للمعلمين، وأخرى للتلاميذ وثالثة للتجهيزات ونحوها، إضافة إلى تحليل المنهج وأحيانا تسجيل بعض الدروس بالفيديو، كما هو مطبق في بعض الدول مثل الولايات المتحدة وألمانيا واليابان.
وتعد البيانات التي تجمع من خلال تيمز مفيدة جدا للتعرف على العوامل المرتبطة بأداء الطلاب من أجل التعرف على التحديات والمجالات الواعدة، وتوفير رؤى عميقة حول طرق التدريس والتعلم، الأمر الذي يفتح الباب أمام التفكير في إمكانات ومجالات جديدة للتطوير. لذلك لا تقتصر أهمية اختبار تيمز على الإنجاز أو الأداء على المستوى الوطني فقط، بل تفوق ذلك أهمية دراسة التفاصيل في بعض المناطق أو المحافظات التي تحقق مستويات مرتفعة أو متدنية. ولا شك أن نتائج تيمز تظهر تأثير المنهج في أداء التلميذ وكذلك الوقت المخصص لتعليم الرياضيات والعلوم في المدارس.
ومن اللافت للنظر سيطرة الدول الآسيوية على المراكز الأولى، مثل: سنغافورة وكوريا واليابان وهونج كونج وتايوان، في حين عدم دخول بعض الدول العظمى ضمن المراكز العشرة الأولى، مثل: الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا. ويلاحظ كذلك أن عدد الدول المشاركة في اختبار تيمز ليس كبيرا، ويختلف من دورة إلى أخرى ومن مستوى تعليمي إلى آخر. وتشارك في هذا الاختبار عشر دول عربية، هي: السعودية ومصر والأردن ولبنان والكويت والبحرين والإمارات وعمان وقطر والمغرب. ولا شك أن مشاركة الدولة في هذه الاختبارات تعكس مستوى الشفافية والطموح في تحسين أداء التلاميذ. وحققت المملكة بعض التحسن في متوسط الدرجات، وكذلك في ترتيبها في 2019 مقارنة بترتيبها في اختبار 2015، ما يدل على رغبة وزارة التعليم الأكيدة لرفع مستوى التعليم، إيمانا بأن التعليم هو الطريق لرقي المجتمع وتقدمه وتحقيق أهدافه الاستراتيجية المتمثلة في رؤية المملكة 2030.
بوجه عام، يعد اختبار تيمز وسيلة للكشف عن نقاط القوة والضعف في النظام التعليمي (المعلم والمنهج والبيئة التعليمية)، ومن هذا المنطلق يمكن القول إن قيمة نتائج اختبارات تيمز لا تقتصر على الأسئلة التي تجيب عنها، بل تمتد إلى الأسئلة التي تثيرها تلك النتائج! وبناء عليه، أقترح إجراء دراسة تشخيصية وتقويمية شاملة لبيانات تيمز الخاصة بكل دولة عربية من أجل الوصول إلى فهم أعمق لما تعكسه نتائج تيمز عن إنجازات التلاميذ، وعن مناهج الرياضيات والعلوم، وكذلك عن طرق التدريس، وكفاءة المعلم، والنظم التعليمية بشكل عام، خاصة أن أداء التلاميذ في هذه الاختبارات يتأثر بالمعلم وبمدى التحاق التلميذ بالتعليم المبكر (أي ما قبل الابتدائية)، إضافة إلى النظم التعليمية بشموليتها.
إنشرها