طلب قوي على إصدار نوفمبر من الصكوك .. 5.9 مليار ريال بتغطية تجاوزت 7 أضعاف

طلب قوي على إصدار نوفمبر من الصكوك .. 5.9 مليار ريال بتغطية تجاوزت 7 أضعاف

استقبلت السعودية طلبا قويا على إصدار تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، من قبل المستثمرين خلال مزاد لبيع شريحتين من الصكوك الادخارية، في ظل تراجع العوائد على أدوات الدين المقومة بالعملات المحلية في جميع أنحاء العالم، مع اتجاه البنوك المركزية إلى خفض معدل الفائدة وتطبيق تحفيزات نقدية غير مسبوقة للحد من تداعيات فيروس كورونا.
وعلمت "الاقتصادية" أن المستثمرين اشتروا خلال المزاد جميع الصكوك لأجل سبعة أعوام، وكذلك استحقاق عشرة أعوام، وكلاهما إعادة فتح لإصدارات سابقة، في علامة على حرص مستثمري أدوات الدخل الثابت على الحصول على جزء من تلك الأوراق المالية ذات الجدارة الائتمانية العالية.
وتلقى الإصدار الشهري الحديث من الصكوك الادخارية للحكومة السعودية طلبات تتجاوز 5.9 مليار ريال، وفقا لوثيقة رسمية خاصة بالإصدار السيادي.
وأظهرت الوثيقة - حصلت "الاقتصادية" عليها - أن الرياض أصدرت صكوكا "ثنائية الشريحة" متوسطة الأجل وطويلة، حيث راوحت عوائدها بين 1.85 و2.40 في المائة.
ووفقا لحسابات وحدة التقارير في صحيفة "الاقتصادية"، تمت تغطية الإصدار بأكثر من سبع مرات للمبلغ الأصلي المطلوب، إذ وصلت أحجام الطلبات إلى 5.925 مليار ريال، مقارنة بحجم الإصدار الفعلي البالغ 795 مليون ريال.
وانعكس إقبال المستثمرين على إصدار الحكومة السعودية، على الجوانب التسعيرية للمزاد الخاص بالصكوك الادخارية وذلك بعدما دفعت الرياض تكاليف اقتراض متدنية، على النطاق التاريخي، خلال المزاد.
وبحسب المعلومات، اضطر بعض المستثمرين إلى تغيير سياساتهم خلال تقديم طلبات الاستثمار في أدوات الدخل الثابتة، فبدلا من الاكتتاب عند السقف الأعلى لمعدل العائد لكل شريحة، وضعوا طلباتهم عند المستويات المتدنية لأسقف معدلات العائد الخاصة بالشريحتين، وذلك من أجل ضمان الحصول على التخصيص المطلوب، بسبب محدودية حجم الإصدار، ونظرا إلى ارتفاع المنافسة بين المستثمرين المؤسسيين للحصول على جزء من هذه الأوراق المالية.
من ناحية أخرى، أفاد مصدر على دراية واسعة بالإصدار أن السبب في عدم تلبية جميع طلبات المستثمرين يرجع إلى تنوع قنوات وخيارات التمويل المتوافرة لجهة الإصدار السيادية، فضلا عن عمليات الاستدانة السابقة التي تمت خلال النصف الأول من هذا العام وفقا لما هو مخطط له سابقا.

عوائد الإصدار
توزع إصدار شهر تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، الذي ستتم تسويته، على شريحتين متساويتين بواقع "عائد حتى تاريخ الاستحقاق" للصكوك ذات أجل سبعة أعوام عند 1.85 في المائة، وذلك وفقا لسعر الإصدار في السوق الثانوية عند 998 ريالا.
في حين "العائد حتى تاريخ الاستحقاق" للصكوك ذات أجل عشرة أعوام عند 2.40 في المائة وذلك وفقا لسعرها المتداول في البورصة المحلية الذي وصل إبان الطرح إلى 1026 ريالا.
والإصدارات التي تمت إعادة فتحها هذا الشهر تم إصدارها للمرة الأولى في تموز (يوليو) 2020 للصكوك السبعية، وللعشرية في تشرين الأول (أكتوبر) من 2019 وذلك وفقا لمنصة "سي بوندز" للبيانات المالية.
ويعد نشاط الطروحات السيادية المقومة بالريال بمنزلة النقطة المضيئة للسعودية في سماء التمويل الإسلامي العالمي بسبب ضخامة أحجام تلك الطروحات. فعلى سبيل المثال، وبحسب تقرير لـ"ستاندرد آند بورز"، فإن السعودية احتلت المرتبة الثانية لأداء صناعة الصكوك العالمية بنهاية 2019 عندما وصل إجمالي إصدارات الجهات السعودية إلى 29 مليار دولار.
الطرح المحلي
ذكرت وزارة المالية في بيان لها أن المركز الوطني لإدارة الدين انتهى من استقبال طلبات المستثمرين على إصداره المحلي لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، تحت برنامج صكوك حكومة السعودية بالريال السعودي، حيث تم تحديد حجم الإصدار بمبلغ إجمالي قدره 795 مليون ريال سعودي "الأرقام مقربة إلى أقرب فاصلة عشرية".
وقسمت الإصدارات إلى شريحتين، الأولى تبلغ 200 مليون ريال سعودي "مائتي مليون ريال سعودي" ليصبح الحجم النهائي للشريحة 982.6 مليون ريال سعودي "تسعمائة واثنين وثمانين مليونا وستمائة ألف ريال سعودي" لصكوك تُستحق في اعام 2027، فيما بلغت الشريحة الثانية 595 مليون ريال سعودي "خمسمائة وخمسة وتسعين مليونا وسبعمائة وعشرة آلاف ريال سعودي" ليصبح الحجم النهائي للشريحة 14.561 مليار ريال سعودي "أربعة عشر مليارا وخمسمائة وواحد وستين مليون ريال سعودي" لصكوك تُستحق في عام 2030.
لا تأثير في أسعار الصكوك
لم يحدث تغير يذكر لأسعار الصكوك الحكومية المدرجة إبان فترة المزاد، نظرا إلى صغر حجم الطرح.
وحصل تغير طفيف في سعر الصكوك التي يحين أجلها في 2031 "عائد 4.1 في المائة" التي كانت تتداول خلال فترة الطرح عند 1119 ريالا، وفقا لبيانات "بوند إي فاليو" المالية الخاصة بتتبع أسعار أدوات الدخل الثابت.
في حين حافظت الصكوك العشرية التي يحين أجلها في 2029 على مستوياتها السعرية قبل الطرح الشهري وذلك بعد استقرارها عند مستويات 1105 ريالات.
واستند رصد وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة إلى بيانات "بوند إي فاليو" التي تقدم للمستثمرين ميزة الكشف عن عروض البيع والشراء للسندات التي في محافظهم من أجل التحكم في القرار الاستثماري الخاص بالورقة المالية.
المزاد الهولندي
منذ تموز (يوليو) 2018 تم استخدام منهجية المزاد التي يرى صندوق النقد أنها ستضفي درجة من المرونة على آليات تسعير الإصدارات المحلية الجديدة.
وشهد إصدار تموز (يوليو) 2018 "الإصدار السابع" تطبيق تلك المنهجية لأول مرة مع أدوات الدين في المملكة، حيث تستخدم السعودية "المزاد الهولندي" وهو "المزاد نفسه" الذي تستعمله الخزانة الأمريكية عندما تبيع سنداتها.
وبالاستعانة بأحد منتجات "بلومبيرج" الخاصة بالمزاد، تم منح المتعاملين الأوليين "سعر سقف محدد" لا يستطيعون التسعير فوقه price cap، بحيث يكون "التسعير النهائي" على "مستوى سقف التسعير نفسه" أو "دونه"، وتم الطلب من المتعاملين الأوليين أن يقدموا طلبات الاكتتاب "الخاصة بهم" وكذلك "الخاصة بعملائهم".
وآلية المزاد هذه تختلف عن المنهجية التسعيرية التي كانت تستخدم في السابق وتدور حول تحديد نطاق تسعيري معين "حد أعلى وحد متوسط وآخر أدنى" والطلب منهم التسعير بين هذا النطاق، ثم يتم تحديد السعر النهائي من قبل جهة الإصدار.
منحنى العائد
يعرف منحنى العائد بأنه خط يحدد الفائدة على أدوات الدين في وقت بعينه، تمتلك فيه جهة الإصدار جدارة ائتمانية متوازنة، لكنها متباينة من حيث الاستحقاق، حيث يكون هناك على سبيل المثال فارق فائدة بين الصكوك والسندات لأجل خمسة أعوام ولأجل 30 عاما.
ويتخذ منحنى العائد عادة اتجاها صعوديا وهو المنحنى الطبيعي، لكن عندما ينقلب بأن يكون العائد على السندات الأقصر أجلا أعلى من العائد على نظيراتها الأطول أجلا. وتحظى السعودية بمنحنى عائد طبيعي، سواء مع إصداراتها المقومة بالعملة المحلية أو الصعبة.
ونجحت السعودية منذ 2019 في تمديد آجال استحقاقات الصكوك في السوق المحلية عبر إصدارات جديدة تشمل 12 و15 و30 عاما، وذلك لاستكمال منحنى العائد خالي المخاطر، ما يسهم في دعم مختلف الأسواق شاملة أسواق الدين العقارية.
والأمر نفسه كررته في 2020 عندما شهد إصدارها الدولاري استحقاقات أجل سبعة أعوام و12 عاما، ولأول مرة شريحة 35 عاما، التي أتت جميعها خلال فترات استحقاق متباعدة، مساهمة في الوقت نفسه في إطالة أجل تلك الاستحقاقات، وفقا لسياسة إدارة الدين العام للدولة.
ويستعين العاملون في أسواق الدخل الثابت بمقياس "العائد حتى تاريخ الاستحقاق" وذلك من أجل حساب العائد المستقبلي لأداة الدين وذلك في حال الاحتفاظ بها إلى أن يحين أجل إطفائها. ويحدد هذا المقياس مدى جدوى الاستثمار من عدمه. ويكثر استخدام هذا المؤشر "بين المستثمرين" من أجل إجراء مقارنات بين العوائد السنوية لأدوات الدين وذلك بغض النظر عن آجال استحقاقاتها.
مشاركة الأفراد
من المنتظر أن يدعم إصدار الشهر الجاري مخزون الصكوك الادخارية المتوافرة لاستثمارات الأفراد في السوق الثانوية. وجاء قرار تفعيل تخفيض القيمة الاسمية للصكوك الحكومية المدرجة لتكون في متناول الأفراد وذلك ابتداء من حزيران (يونيو) 2019 ليعني أن السعودية قد فتحت المجال أمام مواطنيها للمشاركة في دعم المشاريع التنموية في البلاد، في خطوة تقدمية تتماشى مع كثير من الدول حول العالم التي تتبع هذا النهج.
وأسهمت الإصلاحات الاقتصادية التي عمت أسواق الدخل الثابت في المملكة في جعل مسألة استثمار الأفراد في الصكوك أمرا ممكنا بعد تخفيض القيمة الاسمية للصك إلى ألف ريال "مقارنة سابقا بمليون ريال".
تطوير يؤتي ثماره
ذكرت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" في تقرير لها خلال الربع الثالث من 2020، أن استثمار السعودية في تطوير سوق الصكوك والسندات الحكومية المحلية، يؤتي ثماره مع مضاعفة احتياجات التمويل، واصفة سوق الصكوك السعودية بالعميقة وجيدة الأداء.
وأوضحت الوكالة في تقرير لها أنه على مدى الأعوام الثلاثة الماضية، طورت الحكومة السعودية من الصفر سوق صكوك وسندات محلية أعمق، وتعمل بشكل جيد على نحو متزايد، ما سمح لها بالاستفادة من الطلب المحلي والدولي المتزايد على أصول الدخل الثابت المتوافق مع الشريعة الإسلامية.
ولتسهيل الإصدار المحلي في إطار البرنامج ولزيادة تحسين سيولة سوق الصكوك، أنشأت الحكومة في تموز (يوليو) 2018 برنامجا للمتداول الأساسي للصكوك الحكومية المحلية. علاوة على ذلك، في نيسان (أبريل) 2019، خفضت الحكومة الحد الأدنى لحجم الاكتتاب إلى ألف ريال سعودي "267 دولارا" من مليون ريال "266666 دولارا" لتسهيل مشاركة الأفراد والسماح للصناديق المشتركة بإنشاء صناديق صكوك حكومية مخصصة.
وأيضا تمكنت الحكومة من تمديد الفترات في إصدارات الصكوك المحلية بشكل كبير إلى متوسط مرجح يبلغ 17 عاما تقريبا في عام 2019 من نحو ستة أعوام في عام 2018، ما قلل من مخاطر إعادة التمويل من خلال إطالة أجل استحقاق الإجمالي للدين الحكومي. وفي آب (أغسطس) 2020، وافقت هيئة أسواق المال على قرار يسمح لغير المقيمين بالاستثمار مباشرة في أدوات الصكوك المحلية المدرجة وغير المدرجة، الذي - بمرور الوقت - سيعمل على تحسين سيولة السوق الثانوية من خلال دعم التوسع التدريجي لقاعدة المستثمرين في السعودية، خاصة عندما يصبح من الممكن أيضا تسوية المعاملات في الصكوك المحلية من خلال أحد أهم مودعي الأوراق المالية المركزيين الدوليين.
إبطاء نمو الدين
سمحت وزارة المالية السعودية بنمو دينها العام خلال العام الجاري 2020 عما كان مخططا له بفعل أزمة كورونا، وذلك من أجل الاستدامة المالية التي تحافظ على المكتسبات وتضمن استمرارية واستدامة النمو والتقدم الاقتصادي وتوفير المتطلبات الأساسية للمواطنين.
وتوقعت المالية بحسب بياناتها التمهيدية لموازنة عام 2021 أواخر أيلول (سبتمبر) الماضي، ارتفاع الدين العام في 2020 إلى 854 مليار ريال بما يعادل 34.4 في المائة من الناتج المحلي، مقارنة بتوقعاتها قبل الجائحة عند 754 مليار ريال ويشكل حينها 26 في المائة.
ويسجل إجمالي الدين المتوقع للعام الحالي 2020 نموا بنحو 26 في المائة عما كان عليه عام 2019، البالغ حينها 678 مليار ريال، أي بزيادة بلغت 176 مليار ريال.
لكن المالية تستهدف تباطؤ نمو الدين العام منذ بداية العام المقبل 2021، حيث قدرت الدين في عام 2021عند 941 مليار ريال "32.9 في المائة من الناتج" وبنمو 10.2 في المائة عن العام الذي سبقه.
كذلك تستهدف حجم دين عند 1.016 تريليون ريال في عام 2022 "33.4 في المائة من الناتج" بنمو 8 في المائة عن العام الذي سبقه، ثم 1.029 تريليون في عام 2023 "31.8 في المائة من الناتج" وبنمو 1.3 في المائة عن 2022.
ويأتي ذلك بعد أن سجل نمو الدين خلال 2019 نسبة 21.1 في المائة، ونحو 26.3 في المائة في 2018 و40 في المائة لعام 2017، فيما بلغ نموه في 2016 نحو 122.5 في المائة.
وكانت السعودية قد عدلت في وقت سابق السقف الأعلى للدين العام من 30 في المائة من الناتج المحلي إلى 50 في المائة، ورغم ذلك تتوقع وزارة المالية عدم الوصول إلى السقف الجديد على المدى المتوسط، حيث تم رفع السقف مع زيادة الحاجة إلى التمويل لمواجهة تداعيات "الجائحة".
وسمحت المالية السعودية بمستويات أعلى لعجز الميزانية في 2020 عما كان مخططا له قبل أزمة كورونا، إلا أن السياسة المالية تستهدف التراجع تدريجيا بمستويات العجز على المدى المتوسط بما يدعم البيئة المالية المستقرة والمحفزة للاستثمار.
وستعمل السعودية على اتباع سياسات مرنة تقوم بمواكبة المستجدات المحلية والعالمية، التي بدورها تسهم في تخفيف آثار تلك الأزمة ومواجهتها بمستوى عال من الكفاءة.
كما ستواصل السعودية العمل على تقييم المستجدات واتخاذ السياسات المالية الملائمة لرفع الأداء المالي ولضمان استدامة المالية العامة على المديين المتوسط والطويل.
توسيع خيارات التمويل
عندما تطرق شركة ما باب أسواق الدين فهذا يعني أن هذه الشركة قد بلغت مرحلة مهمة من النضج والتطور، حيث إنها وسعت من خيارات التمويل لديها وبذلك تتجاوز مرحلة اعتمادها الكلي على القروض المصرفية.
تاريخيا، لا توجد قنوات تمويلية متنوعة للشركات السعودية نظرا إلى اعتمادها على القروض المصرفية وكذلك سوق الأسهم. فبحسب وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي، شكلت أدوات الدين ما مقداره 18 في المائة من العمليات التمويلية للشركات السعودية في 2016 والنسبة الباقية توزعت على القروض المصرفية والأسهم. في حين تشكل أدوات الدين ما نسبته 75 في المائة من العمليات التمويلية للشركات في الأسواق الناشئة.
وبحسب وثيقة برنامج تطوير القطاع المالي، فقد ازدادت نسبة الشركات السعودية التي تعتمد على القروض المصرفية مقارنة بأدوات الدين. ونظرا إلى سهولة الحصول عليها وضعف ثقافة تنويع مصادر التمويل، استحوذت القروض المصرفية على 78 في المائة من خيارات الحصول على التمويل في 2017 مقارنة بـ75 في المائة في 2016.
ويأتي ذلك في ظل محاولة الجهات التنظيمية تشجيع شركات القطاع الخاص من أجل تنويع مصادر التمويل والاعتماد على مصادر أخرى كأدوات الدين التي حافظت على حصتها نفسها خلال الفترة نفسها وهي 18 في المائة.
وحدة التقارير الاقتصادية

الأكثر قراءة