Author

رسوم الأراضي البيضاء ودعم التطوير العقاري

|
متخصص في المعاملات المالية، مستشار في المالية الإسلامية ـ الجامعة السعودية الإلكترونية

ما زال النشاط في القطاع العقاري، خصوصا قطاع الإسكان، نشطا حتى في ظل وجود أزمة كوفيد - 19، التي تأثر بها العالم وتم الإغلاق في معظم دوله بما فيها المملكة، إلا أن نشاط الإسكان مستمر في تقديم الخدمة للمستفيدين، ما جعل هذا القطاع يعزز قدرته على الاستدامة وتوفير الخدمات للمواطنين وزيادة نسبة التملك للسعوديين ودعم المطورين العقاريين. والحقيقة: إن القطاع العقاري، خصوصا ما يتعلق بالتطوير منه، من أهم القطاعات في أي اقتصاد في العالم، فهو إحدى ركائز التنمية في المجتمعات والنمو الاقتصادي، باعتبار أن هذا القطاع يعزز النمو في الاقتصاد، ويمكن أن يشغل عددا هائلا من الأنشطة الاقتصادية بشكل مباشر أو غير مباشر، ويوفر فرص عمل مناسبة للمواطنين، كما أنه يعزز كفاءة أنشطة المقاولات ويوجد قيمة مضافة للاقتصاد. وقد شهدت الفترة الماضية، رغم الصعوبات، استمرار المشاريع العقارية الخاصة بقطاع الإسكان، ولعل أحد أهم عوامل دعم هذه المشاريع، الاستفادة من رسوم الأراضي البيضاء بشكل مباشر في المشاريع الخاصة بقطاع الإسكان، وذلك في مختلف مدن المملكة، وعلى عكس ما كان يعتقد من أن هذه الرسوم ستعيق النشاط العقاري وتجعل فيه تكلفة عالية، إلا أن الواقع شاهد أن القطاع العقاري أصبح أكثر نشاطا، وقد حفز ذلك ملاك العقارات على الاستثمار بصورة أكبر في التطوير العقاري بدلا من الاحتفاظ بمساحات شاسعة من شأنها أن تعيق فعلا نشاط نمو التطوير العقاري وتزيد تكلفة تطوير هذا القطاع. فالأموال التي تم الحصول عليها من ملاك العقارات، تمت إعادة ضخها في تطوير البنية، ما جعل للعقارات قيمة إضافية وزاد فرص تحقيق مكاسب جيدة لكثيرين بدلا من الاحتفاظ بها بما يؤدي لأي اقتطاع سنوي للرسوم من تلك الأراضي ويؤدي إلى زيادة تكلفة تملكها.
القطاع العقاري، اليوم، يحمل فرصا كبيرة ينبغي الاهتمام بها، والعمل على أن يكون هناك دعم لوجود مشاريع عقارية نوعية تعزز جاذبية المدن السعودية للسياحة والعمل والأنشطة المختلفة، وتزيد فرص المواطنين لتحقيق عوائد من خلال الاستثمار في القطاع العقاري، حيث إن السوق في حاجة إلى وجود مدن سكنية جذابة بما فيها من خدمات متكاملة ومساحات للترفيه والأنشطة الرياضية والصحية، إضافة إلى الأسواق وأماكن التسوق، حيث توجد مشاريع مميزة في العالم تجذب كثيرا من السياح والزوار إلى هذه المدن السكنية للاستمتاع فيها والشعور بإقامة مماثلة للإقامة في المنزل الشخصي مع وجود خدمات إضافية تحقق راحة وخصوصية أكبر من الغرف أو الشقق الفندقية. ورغم وجود مجموعة من المشاريع لمساكن عمودية في المدن الكبرى في المملكة، إضافة إلى بعض المجمعات السكنية، إلا أن ذلك يعد نموذجا صغيرا لما يمكن أن يتم كمدن سكنية مصغرة تستهدف السياح والزائرين وأصحاب عقود العمل القصيرة أو بعض أصحاب الوظائف المتوسطة والعليا، إضافة إلى بعض الأسر الصغيرة التي ترى نموذج الشقق السكنية الخاصة مع المشاركة لمجموعة من الخدمات مثل الحدائق والساحات العامة والنادي الرياضي المشترك مع قرب الأسواق والخدمات التي يحتاج إليها الفرد بشكل يومي، ووجود خدمات النقل العام، يمكن أن يكون مفضلا لها مقارنة بالمساكن أو الفلل الخاصة. ولعل برنامج رسوم الأراضي البيضاء، يمكن أن يشجع ملاك الأراضي الشاسعة للدخول في شراكة مع المطورين العقاريين لإنشاء المشاريع السكنية النوعية، فمن جهة حافظوا على جزء كبير من عقاراتهم مع الحصول على قيمة مضافة لممتلكاتهم تخدم الاقتصاد في المملكة، وتزيد رؤوس أموالهم ويتحول مفهوم الاستثمار العقاري من حالة الاستثمار للأراضي الخالية إلى عقارات منتجة وتحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني والناتج المحلي وتعزز جودة الحياة في المجتمع. كما أن من المهم العناية بقطاع التمويل الخاص بمثل هذا النشاط، من خلال إيجاد برامج للتمويل مناسبة للمستثمرين، حيث إن جزءا من هذه العقارات هي مناسبة للاستثمار، فوجود نماذج تمويلية تناسبها سيعزز هذا النوع من النشاط الاستثماري.
الخلاصة: رسوم الأراضي البيضاء، وبعد بداية التجربة منذ بضعة أعوام، حققت نشاطا وحراكا إيجابيا في القطاع العقاري، وعززت من النمو في هذا القطاع والاقتصاد إجمالا، وأوجدت قيمة مضافة للعقارات التي لم تستغل، حيث إن الأموال المتحصلة يتم ضخها في برامج تطوير البنية التحتية للقطاع العقاري، ما يجعل هناك فرصا لملاك الأراضي الشاسعة البيضاء للمشاركة في تطويرها، ويجعل لها قيمة مضافة استثماريا لملاكها وللاقتصاد الوطني والناتج المحلي.

إنشرها