Author

رغم الجائحة .. نجاح باهر

|

عكس البيان الختامي لقمة "مجموعة العشرين" التي استضافتها السعودية ضمن رئاستها الدورية لهذه المجموعة، حقيقة المنجزات التي تحققت على الساحة الدولية في الأشهر القليلة الماضية، كما حدد المعالم الرئيسة لحراك "العشرين" في المستقبل، فضلا عن الجانب الأهم والملح الخاص بما فرضه وباء كورونا المستجد على الساحة، اقتصاديا واجتماعيا وصحيا وتنمويا إلى آخر الميادين. الفترة الماضية كانت استثنائية والتعاطي معها كان استثنائيا، بفعل الاستراتيجية التنظيمية التي اعتمدتها القيادة في المملكة في فترة رئاستها لـ"المجموعة". فالمسؤولية كبيرة على "العشرين" في زمن الازدهار أو الركود، ليس فقط لأنها تسيطر على 85 في المائة من الاقتصاد العالمي، بل لأنها اتخذت زمام المبادرة في أعقاب انفجار الأزمة الاقتصادية العالمية عام 2008. اتفق أعضاء "مجموعة العشرين" على الخطة المحورية الرئيسة، وهي التعاون متعدد الأطراف، هذا التعاون وضعته السعودية على رأس أولوياتها في الأشهر الماضية، لأنه حجر الزاوية في مواجهة التحديات المختلفة. فضلا عن ضرورة تنسيق الإجراءات العالمية التي تمثل محورا رئيسا آخر، ولا سيما في زمن يمكن وصفه بـ"زمن أزمة الكورونا"، وهذا التوجه يسير بصورة ثابتة وقوية نحو تشكيل حقبة ما بعد الجائحة العالمية من أجل تنمية مستدامة ومستمرة. "مجموعة العشرين" تعمل أساسا باتجاه المستقبل، أي أنها تصنع الأدوات وتطرح المبادرات والبرامج والمشاريع والمخططات المختلفة، من أجل مواجهة التحديات الواضحة والمستترة، وحتى تلك التي يمكن أن تدخل في نطاق المفاجآت. وقد أثبت تفشي وباء كورونا أهمية كل هذه المخططات، من أجل مواجهته وكي يستطيع العالم أن يكون جاهزا للوقوف في وجه كل الجوائح المحتملة في المستقبل. ولذلك التزمت المجموعة بتوفير اللقاح لجميع البشرية خاصة الدول الفقيرة والمنخفضة الدخل من أجل سلامة شعوب كوكب الأرض. اغتنام فرص القرن الـ21 للجميع، هو عنوان رئيس آخر في سياق عمل "مجموعة العشرين"، وهذا يعزز التوجه نحو توفير الدعم اللازم للبشرية جمعاء في كل الميادين. فهذه "المجموعة" لا تعمل لدولها فقط بل تتحرك من أجل المجتمع الدولي كافة، وهذا ما جعلها قائدة تلقائيا للحراك العالمي دائما. وهذا ما يفسر مثلا تأكيد "العشرين" على الحاجة لتعزيز استدامة ومرونة سلاسل الإمداد الوطنية والإقليمية والعالمية، التي تدعم دخول الدول النامية والدول الأقل نموا في النظام التجاري بشكل مستدام. يضاف إلى ذلك حرص هذه الكتلة العالمية، على زيادة نسبة الاستثمار المسؤول في النظم الزراعية والغذائية بصورة كبيرة لمواجهة تحدي إطعام سكان العالم. كل هذا يدخل في نطاق الحرص على حماية الأرواح وتقديم الدعم، والتركيز بالطبع على الجهات الأكثر تضررا من أزمة الوباء، والأزمات الأخرى. ورغم انشغال العالم بأمر كورونا إلا أن "مجموعة العشرين" واصلت تركيزها على النواحي الاستراتيجية الأخرى، التي ترتبط بصورة مباشرة بتوفير الوظائف وفرص العمل، وتحقيق النمو اللازم في المستقبل القريب. وهذا جعلها تركز بصورة أساسية على العمل من أجل دفع الاقتصاد العالمي للخروج من حالة الركود الراهنة التي وصفت بأنها الأعمق منذ 100 عام. باختصار التحرك من أجل جلب التعافي المستدام وليس الآني فقط. إنها خطوات محورية أخرى على صعيد إتمام المشاريع التنموية المختلفة، مثل تمكين المرأة وتطوير أدوات الابتكار ودعم التعليم والتأهيل، ومساعدة الدول الفقيرة على تجاوز أزماتها القديمة والجديدة بما يجعلها لاعبا نشطا على صعيد التنمية الاقتصادية الدولية. كل هذا وغيره، لا يمكن أن يتم إلا بمخططات "مجموعة العشرين" التي تستند إلى مواجهة الأزمات بواقعية وبأعلى المعايير، ومعالجة القضايا الملحة. وكل القطاعات والميادين حصلت على أولوية في حسابات "العشرين" من الوضع الاقتصادي والنقدي العالمي، إلى الصحة والمجتمع والابتكار والتحصيل العلمي والبيئة والطاقة، والاستثمار في البشر، وحراك الاستثمارات العالمي بشكل عام. إنها "المجموعة" التي تقود العالم في كل مرحلة تمر بها البشرية جمعاء.

إنشرها