المهنة التي لا يتحدث عنها أحد

دعـني أطرح عليك أربعة أسئلة بسيطة جـدا:
- ماذا يعمل الطبيب؟
- وماذا يعمل المحامي؟
- وماذا يعـمل المعـلم؟
- وماذا يعمل التاجر ورجل الأعمال؟
لماذا خطر في بالك "المال" حين أجبت عن السؤال الأخير؟
السؤال الأخير ليس بسيطا، لأن جمع المال هـو فعلا وظيفة التاجر ومهنة المستثمر!
فحين يكون المال مهنتك وتخصصك وأول اهتماماتك، تصبح فرصتك في الثراء كبيرة وشبة مؤكدة. أمـا حين يتراجع إلى "ثاني، وثالث، ورابع" اهتماماتك، ستتراجع فرصتك في الثراء خلف ثاني وثالث ورابع أولوية لا تدر عـليك دخلا كبيرا.
تأمل حال الطلاب في الجامعات، لماذا الأول يريد أن يصبح طبيبا، والثاني مهندسا، والثالث قاضيا، والرابع معلما.. مجرد انتسابهم إلى هذه التخصصات يعني أن هدفهم الأول ليس جمع المال ومنافسة رجال الأعمال، بـل الحصول على تخصص يعشقونه ويضعونه في مقدمة أولوياتهم.. وبالطبع، نيـل وظيفة مجزية من خلاله!
الحقيقة التي نتجاهلها هي أن هناك وظيفة حقيقية تدعى "صانع ثروات" و"جامع أموال" - ننطقها تأدبا "مستثمرين" و"رجـال أعمال".
الأثرياء ورجال الأعمال هـم القلة التي "لم ترفض فقط مبدأ العمل لدى الغـير"، بــل أسهمت في إيجاد الوظائف للغير، من خلال تأسيس مشاريعها الخاصة. وفي المقابل، لا يصبح عــامة الناس أثرياء، لأن بناء الثروة لم يتحول لديهم إلى مهنة يومية كأي مستثمر ورجل أعمال.. صحيح أن عمل الإنسان "لنفـسه" لا يضمن الثروة، لكنه دون شـك المدخل لبناء الثروة والاستقلال المادي.. هو الوضع الذي كان سائدا في جيل الأجداد الذين لم يعرفوا معنى البطالة، كونهم تربوا على مفهوم العمل بأنفسهم ـ- وليس البحث عمن يقدم لهم راتب ووظيفة. وهـذا يؤكد أن للبطالة جانبا تربويا، كون أطفال اليوم ينشؤون على فكرة التفوق في الدراسة للحصول على راتـب ووظيفة. وهذه وصفة للفقر "كما أشار روبرت كيوساكي في كتاب الأب الغني"، كونها تجعل تفكيرهم منصبا على البحث عمن يـوظفهم - وتجعل المتفوقين أكاديميا يتوظفون في النهاية لدى الأطفال الأقـل تفوقا ممن دخلوا سوق العمل مبكرا.
على أي حال، لا تشغل نفسك بمسألة تحول الجميع إلى "مستثمرين" و"رجـال أعمال".. فـاحتدام المنافسة لا يضمن نجاح الجميع، وتركيبة المجتمع تتطلب دائما وجود طبيب في المستشفى، ومعلم في المدرسة، وقاض في المحكمة.
وفي النهاية، هـذه سنة الله في خلقه "وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي