Author

صناعتنا الدوائية في أوضح صورة

|
مساء الأربعاء الماضي كان لبعض كتاب الرأي لقاء خاص مع محمد النحاس رئيس مجلس إدارة الشركة الدوائية السعودية، واعتقد البعض أن اللقاء سيكون إعلانيا بامتياز لمصلحة الدوائية، لكن الشهادة لله فإن الضيف كان واضحا وشفافا وأعطى صورة واضحة لصناعتنا الدوائية، حيث ركز على الأمن الدوائي والصناعة الدوائية في بلادنا بصورة عامة مع الإشارة جانبيا إلى الشركة التي يرأس مجلس إدارتها، ولذا فإن هذا المقال سيكون عن الأمن الدوائي مستمدا معظم عناصره من حديث الضيف العزيز. والأمن الدوائي ربما لم نهتم به كما يجب قبل ظهور جائحة كورونا، خاصة أن إمدادات الدواء تأتي إلينا من كل أنحاء العالم وبتكلفة قد تكون أقل من إنتاجها محليا. وعندما حلت الجائحة وكجزء أصيل من اهتمام القيادة بالأمن الدوائي بشكل يوازي الاهتمام بالأمن الغذائي طرح السؤال على المختصين: هل لدينا ما يكفي من الأدوية الضرورية لمدة ستة أشهر؟ وكان الجواب إيجابيا، ما عدا نقص المستلزمات الأخرى كالكمامات والمعقمات وغيرها، ما جعل بعض المستوردين لها يتلاعبون بالأسعار في البداية حتى تم إنتاج كميات كافية محليا من هذه المستلزمات. وعلى كل فإن الاهتمام بالصناعة الدوائية قد بدأ بتوجيه من القيادة وأعلن وزير الصناعة والثروة المعدنية أخيرا أن 50 في المائة من الصناعات الدوائية سيتم توطينها في 2030، ونأمل أن تكون الشركات السعودية البالغ عددها حاليا 20 مصنعا، إضافة إلى عشرة مصانع ستبدأ الإنتاج خلال العامين المقبلين قادرة على رفع حصة تغطية السوق السعودية من الأدوية المصنعة محليا إلى مستوى أفضل، خاصة أن السوق السعودية للدواء تعد أكبر الأسواق العربية حيث يبلغ حجمها نحو 40 مليار ريال سنويا. لا تغطي الصناعة الدوائية السعودية إلا 25 في المائة من هذا الرقم، وقد سألنا عن المعوقات التي تواجه الصناعة الدوائية فجاء الجواب حسب حديث محمد النحاس بأن عدم وجود البحث العلمي وندرة الصيادلة المؤهلين للعمل في مصانع الأدوية هما أهم الأسباب، ويبشر بتحرك جاد بالتعاون مع شركة سابك العملاقة التي هو عضو مجلس إدارتها لتوفير المواد الخام، وللمساعدة على تأسيس صندوق للبحث العلمي لصناعة الأدوية. وستتم دعوة الجامعات السعودية أيضا للمساهمة في هذا الجهد الموفق، الذي سيغير الصورة إلى الأفضل في سبيل تطوير صناعتنا الدوائية.
وأخيرا: بقي أن يتم تأهيل خريجي كليات الصيدلة، وإعادة تأهيل من تخرج منهم ولم يجد عملا للعمل في مصانع الأدوية، ولو تم ذلك بالتعاون مع معاهد أو جامعات محلية أو عالمية متخصصة، لوفرنا لمصانع الأدوية القائمة أو التي سيتم إنشاؤها جيلا من الفنيين السعوديين بدلا من الاعتماد على عمالة وافدة بتكلفة أعلى، وقد تختفي في وقت الأزمات كما حصل خلال أزمة كورونا التي أثرت في النشاطين التجاري والصناعي ليس في بلادنا فقط وإنما في جميع دول العالم.
إنشرها