Author

المواطن وتحليل مؤشرات الميزانية

|
حينما صدرت أول ميزانية للدولة في بلادنا في 1352هـ بعد تأسيس وزارة المالية في عهد الملك عبدالعزيز كان مقدارها 14 مليون ريال فقط، وذلك قبل اكتشاف البترول ولم يكن المواطن مهتما بالميزانية، حيث إن معظم السكان يعملون في الزراعة وينحصر اهتمامهم في محصول مزارعهم من حبوب وتمور وفي رعي مواشيهم. واكتشف البترول فأخذت الميزانية تتصاعد أرقامها إيرادا ومصروفات لتنفيذ مشاريع تنموية في مناطق بلاد واسعة ومحتاجة إلى جميع المرافق والخدمات، ومن هنا بدأ اهتمام المواطن بالميزانية وكان صدورها هو الحدث الأهم في كل عام ويحاط رقم الميزانية بسرية تامة، بل قد يساءل أي صحافي أو صحيفة تنشر توقعات رقم الميزانية قبل صدورها وإعلانها بشكل رسمي عبر وسائل الإعلام الحكومية. واليوم وقد تضاعفت ميزانية الدولة نحو 80 ألف ضعف أصبح التعامل مع أخبار الميزانية بشفافية تامة، وأصبحت وزارة المالية تنشر أرقام توقعاتها وتحليلها لتلك الأرقام قبل فترة من صدورها لتتم مناقشتها إعلاميا بعدّ الموضوع شأنا عاما يهم كل مواطن ويهم أيضا أصحاب الأعمال والمستثمرين من الداخل والخارج. وفي تقديرات وزارة المالية التي نشرتها خلال الأيام الماضية أن نمو الاقتصاد السعودي سيبلغ 3.2 في المائة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، بينما تتوقع انكماشا بنسبة 3.8 في المائة خلال العام الحالي بسبب تداعيات أزمة كورونا، وقد ظهر التأثير الأكبر خلال الربع الثاني من هذا العام، نتيجة إجراءات إيقاف الأنشطة التجارية ضمن الاحترازات لمواجهة الوباء وصاحب ذلك انخفاض في مبيعات وأسعار النفط عالميا.
وتتوقع وزارة المالية أداء أفضل للاقتصاد السعودي في الربع الثالث من هذا العام نتيجة لدعم الدولة للقطاع الخاص وعودة الأنشطة غير النفطية إلى نشاطها. أما توقعات 2021 فهناك بوادر إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي بواقع 3.2 في المائة نتيجة تحسن الأنشطة الاقتصادية وعودة التبادل التجاري مع الدول الأخرى. ومن المؤشرات الجيدة استمرار الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتوجيهه لدعم القطاعات ذات الأولوية وسداد مستحقات القطاع الخاص ما سيجنب كثيرا من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة خطر الإفلاس، وتعكس مستويات النفقات في 2021 سياسات المالية العامة التي تطبقها الدولة والصرف على النفقات الموجهة لدعم مستهدفات "رؤية 2030"، إضافة إلى إتاحة مزيد من الفرص أمام القطاع الخاص والصناديق المشاركة في تطوير مشاريع البنية التحتية.
وأخيرا: المواطن يتطلع إلى المتخصصين من الكتاب لشرح أرقام ومؤشرات الميزانية وتحليلها، خاصة وقد توافر لدينا عديد من الكتاب المؤهلين في هذا المجال وأفضل وسيلة لنشر مقالاتهم صحيفة "الاقتصادية"، التي تهتم بالتحليل العميق في جميع الجوانب الاقتصادية، خاصة ميزانية الدولة التي تمس بنودها ومؤشراتها حياة المواطن اليومية، وتملك الصحيفة وحدة متطورة للتقارير الاقتصادية توفر المعلومات لكتابها.
إنشرها