Author

مؤشرات القوى العاملة وتداعيات الجائحة

|
كشفت بيانات مسح القوى العاملة للربع الثاني من هذا العام (2020) عن ارتفاع معدل البطالة من 12.3 في المائة في الربع الثاني 2019، إلى 15.4 في المائة في الربع الثاني من هذا العام، ما يعكس تداعيات جائحة كورونا. بوجه عام، يلاحظ أن معدل البطالة لم يتجاوب كثيرا مع الجهود الكبيرة في التوظيف، خاصة فيما يتعلق بتمكين المرأة من العمل، إذ لم ينخفض دون 11 في المائة خلال الأعوام العشرة الأخيرة، ما يعكس طبيعة التحول الديموغرافي الذي تشهده المملكة، والمتمثل في الزيادة الكبيرة في أعداد الداخلين إلى سوق العمل، نتيجة ما يعرف بالنافذة الديموغرافية.
وعلى الرغم من النجاح النسبي للجهود الكبيرة لتجاوز تداعيات جائحة كورونا في الحد من ارتفاع البطالة بدرجة كبيرة، كما حدث في بعض الدول، فإن سوق العمل في حاجة ماسة إلى إطلاق مبادرات نوعية تسهم في زيادة توظيف الشباب، خاصة أن الأغلبية من المتعطلين، (63 في المائة)، هم في الفئة العمرية (20 - 29 عاما)، وأكثر من نصف المتعطلين (57 في المائة تقريبا) هم من حملة البكالوريوس، وترتفع هذه النسبة إلى 70 في المائة بين الإناث. ويتوزع المتعطلون عن العمل - حسب التخصص - إلى 16 في المائة في العلوم التربوية وإعداد المعلمين، و24.6 في المائة في الدراسات الإنسانية، ونحو 16 في المائة في تخصصات الأعمال التجارية والإدارة، و8 في المائة في تخصص تكنولوجيا المعلومات والحاسب. في مقابل ذلك، فإن نسبة العمالة الوافدة (دون احتساب العمالة المنزلية) تصل إلى 68 في المائة من إجمالي القوى العاملة، وترتفع النسبة إلى نحو 80 في المائة في القطاع الخاص، ولم تتغير هذه النسب كثيرا مقارنة بالربع الثاني 2019.
من اللافت للنظر الارتفاع الكبير في معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة من 23.2 في المائة في الربع الثاني 2019 إلى 31.4 في المائة، وهذا أحد الإنجازات الكبيرة التي تحسب لـ"رؤية 2030" وبرامج التحول الوطني، ولكن لا تزال النساء يمثلن 64 في المائة من إجمالي المتعطلين السعوديين.
في الختام، واستمرارا لجهود وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، أقترح إطلاق برنامج بدعم من صندوق الموارد البشرية يقوم بدراسة المتعطلين عن العمل من حيث أعمارهم، ومؤهلاتهم، وخبراتهم، وأماكن وجودهم، من ثم تصميم برنامج لتأهيلهم لسوق العمل، خاصة أن أكثر من نصف المتعطلين يحملون شهادة البكالوريوس، وأن 94 في المائة منهم لم يسبق لهم العمل. وهناك حاجة ماسة إلى توطين مهن الاستقبال في الفنادق ومرافق الإيواء السياحي، وكذلك مهن البيع التي يشغلها عدد كبير نسبيا من العمالة الوافدة، مع مواصلة الجهود للحد من آثار جائحة كورونا في المؤسسات الصغيرة والمتوسطة. ومن المفيد تحسين بيانات القوى العاملة، خاصة فيما يتعلق بتفاصيل المهن التي تشغلها أعداد كبيرة مثل مهن الخدمات ونحوها. وأخيرا، أتمنى الاستمرار في تحسين بيئة العمل والأجور في القطاع الخاص، من أجل الاستقرار المهني للعمالة السعودية، خاصة أن متوسط الأجر الشهري للقوى العاملة السعودية في القطاع الخاص يقدر بنحو 7200 ريال مقارنة بأكثر من 11 ألف ريال في القطاع العام.
إنشرها