Author

انطلاقة فردية جديدة مع كل عيد وطني

|
نبتهج ونحتفي بأيام الوطن، ونسعد ونعتز بمنجزات الماضي واستحقاقات الحاضر. أفراد وأسر وفرق عمل وقادة وجموع في شتى أطراف الوطن تجتمع على الاحتفاء به، والأجمل من ذلك، ما يبشر به هذا الاحتفاء من آفاق رائعة يعمل لها الجميع. لا شك أن الاحتفاء بالماضي رائع، لكن الأروع منه الاستعداد والعمل لكل الانطلاقات الجديدة. التي تصنع لنا - بإذن الله - ولمن يأتي بعدنا، ما يستحق الاحتفاء في أيام الوطن المقبلة في كل عيد وطني مقبل يكتب لنا الاحتفاء به أو تكتب ثماره للأجيال التي تأتي من بعدنا.
ولم يعد سرا أو أمرا مشكوكا في صحته أن الأعظم من الإنجازات لم يأت بعد، وأننا نملك - بحمد الله - ما يمكننا من صنعها. فالعمل على قدم وساق، وما يحصل اليوم على أرض الواقع يشهد له القاصي والداني. الإصلاح والتمكين ليس ما يتفرد به أحدهم، فالجميع يعمل، رجالا ونساء وأطفالا، من أجل بناء قدراتهم والمساهمة في بناء وطن المستقبل، وتطوير كل منظوماته لتعمل وفق رؤية اليوم، وكل الرؤى اللاحقة التي نطمح إليها.
عندما نتحدث عن أي كيان، أسرة أو منشأة أو بلد، فالعنصر الأهم الذي يسهم في البناء هو الفرد، والفرد في وطننا اليوم يحق له أن يحتفي بما يرى من إنجازات وطنية، ويحق له كذلك أن يحتفي بما يرى من إنجازات فردية يجني ثمارها بنفسه، ويجني ثمارها من حوله، والوطن كذلك. النموذج الناجح الذي نراه ينتشر أكثر من أي وقت مضى، هو نموذج وطني بامتياز، يستحق الذكر والنشر والتأييد، هو اللبنة الأساسية في بناء كل كيان.
ما الذي يصنع النموذج الفردي الوطني الناجح؟ ما يميز هذا النموذج - بعد شغفه بوطنه - يكمن في قدرته على المساهمة في البناء، وهذا أمر تتقنه اليوم أعداد كبيرة من الشابات والشباب الناجحين الذين يعملون بجد، ويستمتعون بالقدر ذاته في حياتهم. يتحاشى خبراء النجاح تحديد تعريف ثابت للنجاح الشخصي، إذ إن مفهوم النجاح متحرك بتحرك الأهداف الشخصية. ومع أن النجاح الشخصي مسألة شخصية، إلا أن النموذج الفردي الناجح الذي نتحدث عنه، له سمات مشتركة واضحة، فهو عنصر بناء ومشاركة، يتمتع بمؤهلات وقدرات تتطور باستمرار، يملك القدرة على الإنتاج بإتقان، ويجيد التخطيط لحياته ويحقق معادلة العطاء لوطنه بكل اقتدار.
لا ترتبط معادلة النجاح الفردي بالتخصص والوظيفة فقط، مع أن النجاح المهني هدف ومطلب للفرد ومحدد رئيس لقدرته على العطاء. إلا أن هناك قدرا من السمات الأخرى التي تحقق هذه المعادلة بشكل أفضل. على سبيل المثال، يشع هذا الفرد الناجح بالتفاؤل ويحمل شعلة المستقبل بيده طريقا نحو المعالي، فهو ينظر للحياة بإيجابية، ويتوقع الأفضل دائما، ويعي أن الصعب وارد يمكن التعامل معه، يواجه التحديات بإصرار ويرى كل الظروف من حوله قوى تتدافع وتدفع به نحو مزيد من الثبات في مواقفه واجتهاداته، بل يعدها وقودا يمضي به قدما ويحقق بها الأفضل في كل مرحلة.
يملك صاحب النموذج الفردي الناجح الذي يسهم في انطلاقة الوطن نحو أعياده الجديدة قوة واستقرارا ماليا فرديا، فهو يخطط ويجني المداخيل ويشاهدها تنمو، ويدخر لمستقبله وينمي مدخرات أسرته ووطنه، ويصرف ويستمتع بالقدر الذي يرضيه ويلائمه. وهو كذلك متعلم مستمر، يعرف أن العالم يتغير باستمرار وهناك دائما طرق جديدة للقيام بما تتطلبه حياته من مشاركة وعمل، وهذا يعني قدرة متجددة على اكتساب المهارات والإمكانات. وهو دون أدنى شك عضو فاعل في دوائره الصغرى الاجتماعية والمهنية، يقتدي بنجاحه من حوله، ويخرجون لاحقا بنجاحاتهم الجديدة. وهذا العضو الناجح مشارك ومتشارك فعال، فهو يستثمر ويبحث عن مستثمرين باستمرار، معلم ويتعلم كل يوم، ومهني فاعل متعاون، معطاء متطوع، وله دائما دائرة خضراء نامية يعمل من خلالها ويصنع بها أجمل الأثر. ولست أبالغ إن قلت إن هذا النموذج الناجح، لم يعد استثناء أو صورة تستحق الإشادة لندرتها. فالنموذج الناجح في ازدياد وهو القالب الفردي الأساسي الذي نراه في طور الانتشار، مدشنا الانطلاقات الفردية الناجحة، وما نحتفل بنتائجه في أعيادنا الوطنية المقبلة - بإذن الله.
إنشرها