Author

موجات كهرومغناطيسية لنقل الطاقة لاسلكيا

|
أصبحت لدينا كمية كبيرة من الطاقة المائية والشمسية وطاقة الرياح النظيفة المتاحة في جميع أنحاء العالم، لكن عند محاولة نقل تلك الطاقة باستخدام الأساليب التقليدية تظهر تحديات التكلفة الباهظة، على سبيل المثال يتطلب نقل الطاقة من مزارع الرياح البحرية مد كابلات تحت الماء، وأعمال تركيب وصيانة هذه الكابلات باهظة الثمن. لذا كان حتما التوصل إلى حل لنقل كل تلك الطاقة النظيفة من حيث توجد بكثرة إلى حيث تكون مطلوبة بطريقة فعالة من حيث التكلفة وصديقة للبيئة أيضا. لقد تطورت طرق توليد وتخزين الطاقة بشكل كبير على مدار القرن الماضي، لكن طرق نقل الطاقة لم يطرأ عليها أي تغيير تقريبا منذ أن أدخلت شركات الطاقة الرائدة الشبكات الكهربائية لأول مرة مستخدمة الأسلاك النحاسية قبل 150 عاما.
ولهذا السبب تسعى شركة نيوزيلندية ناشئة تعمل في مجال الطاقة وتدعى "إمرود" إلى إمداد العالم بالطاقة الكهربائية عبر نظام نقل لاسلكي. وتعمل التقنية من خلال استخدام موجات كهرومغناطيسية لنقل الطاقة لاسلكيا بأمان وكفاءة عبر مسافات بعيدة. وقد حظي النموذج الأولي لهذه التقنية ببعض التمويل الحكومي وتم تصميمه وبناؤه في أوكلاند بالتعاون مع مؤسسة كالاجان أنوفيشن.
وقد رشحت هذه التقنية لجائزة الجمعية الملكية، وستكون شركة باوركو - ثاني أكبر شركات توزيع الكهرباء في نيوزيلندا - أول من يختبر هذه التقنية. وقد قام بتأسيس شركة إمرود رائد سلسلة الأعمال التقنية جريج كوشنير، الذي كان مصمما على إيجاد تقنية يمكنها تقليل تكاليف توزيع الطاقة في حين تعمل على تجنب انقطاع التيار ودعم الطاقة المتجددة.
ورأى كوشنير أنه بعد دراسته طرق نقل الطاقة لاسلكيا عبر مسافات بعيدة دهش من قلة الجهود المبذولة في هذا المجال، وبدا له أن الجميع يركزون على فكرة تزويد المستهلكين بالطاقة في صورة كهرباء منقولة عبر أسلاك نحاسية، في حين يجب أن تكون هناك طريقة أفضل.
وتواصل كوشنير مع العالم النيوزيلندي المتميز الدكتور راي سيمبكين من مؤسسة كالاجان أنوفيشن الذي قاد فريق دراسة الجدوى وعمل على النموذج الأولي. ودعمت مؤسسة كالاجان أنوفيشن التقنية الجديدة بمنحة بحث وتطوير وأعارت عالمها الرئيس للعمل على النموذج الأولي الذي ينتظر منه إدخال تغيير ثوري في مجال نقل الطاقة.
من خلال خفضها الكبير لتكاليف البنية التحتية ستتمتع التقنية الناشئة بالقدرة على دعم المجتمعات النائية مثل مجتمعات إفريقيا وجزر المحيط الهادئ من خلال توفير الوصول إلى الطاقة الرخيصة والمستدامة اللازمة لتشغيل المدارس والمستشفيات والشركات.
واقترح كوشنير قائلا "الأرقام مقنعة للغاية، ونحن نتحدث عن زيادة محتملة بنسبة 50 في المائة في استغلال الطاقة المستدامة، وتخفيض يصل إلى 85 في المائة في حالات انقطاع الطاقة، وتخفيض بنسبة 65 في المائة في تكاليف البنية التحتية للكهرباء بفضل التقنية الجديدة".
وقد حظيت الشركة باهتمام كبير من شركات توزيع الكهرباء، وقررت شركة باوركو - ثاني أكبر شركات توزيع الكهرباء في نيوزيلندا - الاستثمار في إثبات مفهوم التقنية. وصرح مدير التحويل الشبكي في شركة باوركو قائلا: "نحن ملتزمون بالابتكار وإيجاد طرق جديدة لتوصيل الطاقة بأمان وكفاءة لعملائنا، ونحن مهتمون بمعرفة ما إذا كانت التقنية الناشئة يمكنها أن تمثل إضافة لطرق توفير الطاقة السائدة. ونتصور إمكانية استخدام هذه التقنية لتوصيل الكهرباء إلى الأماكن النائية، أو عبر المناطق ذات التضاريس الصعبة. وهناك أيضا إمكانية لاستخدامها للاستمرار في تزويد العملاء بالطاقة أثناء صيانة البنية التحتية القائمة".
ومن المنتظر أن تسلم الشركة المطورة للتقنية النموذج الأولي المحدث إلى شركة توزيع الكهرباء في تشرين الأول (أكتوبر)، وتستمر لمدة شهرين إلى ثلاثة أشهر في إجراء الاختبارات المعملية وتدريب موظفي شركة توزيع الكهرباء قبل الانتقال إلى التجربة الميدانية.
وعن هذه الخطوات يرى كوشنير "النظام الذي نبنيه حاليا لشركة توزيع الكهرباء لن ينقل سوى بضعة كيلوواط، لكن يمكننا استخدام التقنية نفسها بالضبط لنقل طاقة أكثر بمقدار 100 مرة عبر مسافات أطول بكثير. ويمكن للأنظمة اللاسلكية التي تستخدم التقنية الجديدة نقل أي قدر من الطاقة التي ترسلها الحلول السلكية الحالية".
وتعد سلامة النموذج الأولي أيضا أولوية لدى الشركة المطورة للتقنية التي تستخدم نطاق تردد صناعيا وعلميا وطبيا غير مؤين لنقل الطاقة. وتتواصل الشركة بشكل مستمر ومنذ البداية مع الجهة المعنية بذلك في نيوزيلندا وهي إدارة الطيف الراديوي في وزارة الأعمال والابتكار والتوظيف للتأكد من تطبيق أعلى معايير السلامة.
وفي هذا الصدد تناول كوشنير الحديث قائلا: "تهدف الإجراءات الصارمة التي ننفذها إلى إثبات أن التقنية ستكون آمنة عند نقل مستويات طاقة أعلى وعند النشر على نطاق أوسع. كما تساعد هذه الإجراءات على وضع إرشادات الصيانة لشركات توزيع الكهرباء التي ستستخدم أجهزتنا. وقد اخترنا هذا التردد المستخدم على نطاق واسع والمراقب جيدا، نظرا لتاريخ استخدامه الطويل بأمان حول البشر ولتمتع إرشادات السلامة الخاصة به بالإثبات العلمي والقبول الدولي".
إنشرها