Author

تطورات أسعار الغذاء المحلية

|
تطرقت المقالة السابقة إلى تطورات أسعار المواد الغذائية الأساسية العالمية التي تصدرها منظمة الأغذية والزراعة الدولية (الفاو)، وذلك منذ بداية الألفية حتى الوقت الحالي. وشهدت أسعار الغذاء العالمية تقلبات سعرية خلال الفترة الممتدة بين 2000 و 2014، حيث ارتفع مؤشر الفاو العالمي السنوي للأغذية من 53.1 في 2000 إلى 131.9 في 2011. بعد ذلك تراجع المؤشر لكنه ظل فوق مستوى الـ100 حتى 2014. يبلغ مؤشر الفاو العام للأغذية في الوقت الحالي 95.5 مرتفعا مقارنة ببداية الألفية بنسبة 79.1 في المائة. وارتفعت أسعار جميع مكونات المؤشر خلال العقدين الماضيين، فأسعار اللحوم العالمية زادت بنسبة 61.1 في المائة خلال الفترة، كما قفزت أسعار منتجات الألبان والحبوب والزيوت والسكر بنسب 83.8 في المائة، 91.2 في المائة، 112.7 في المائة، 52.1 في المائة على التوالي.
تستورد المملكة جزءا كبيرا من المواد الغذائية التي تستهلكها، كما أنها دولة منفتحة تجاريا على العالم، إضافة إلى ارتفاع معدلات نفاذ تقلبات أسعار الغذاء العالمية إلى أسواقها الداخلية. وشهدت أسعار الأغذية والمشروبات (المواد الغذائية) في المملكة ارتفاعات متتابعة خلال العقدين الماضيين - أسوة ببقية أرجاء العالم - مع وجود بعض الاختلافات. وتأثرت الأسعار المحلية بالطبع بتقلبات أسعار الأغذية العالمية، لكنها لم تكن الوحيدة، حيث أسهم عدد من العوامل المحلية في ارتفاع أسعار الغذاء.
توفر الهيئة العامة للإحصاء بيانات تكاليف مجموعة الأغذية والمشروبات للعقدين الماضيين في المملكة، لكنها تعتمد أعوام أساس مختلفة خلال الفترة. من ناحية أخرى، لا توفر الهيئة على موقعها سلسلة تاريخية كاملة للبنود خلال فترة العقدين الماضيين، لهذا كان من الصعب وضع تقدير دقيق لتغيرات أسعار بنود المواد الغذائية المحلية خلال الـ20 عاما الماضية. وارتفع مؤشر الأطعمة والمشروبات (المواد الغذائية) الرئيس من 93.4 في كانون الثاني (يناير) 2013 إلى 116.1 في آب (أغسطس) 2020، ما يعني تضخم أسعار المواد الغذائية (الأطعمة والمشروبات) بنسبة 24.3 في المائة خلال الأعوام السبعة والأشهر الثمانية الماضية باستخدام عام أساس 2018. وكان المؤشر لكانون الثاني (يناير) 2013 قد وصل إلى 136.9 مقارنة بعام الأساس 2007، أي أنه ارتفع ما بين 2007 و 2013 بنحو 36.9 في المائة. وشهدت تلك الفترة ارتفاعات قوية في الأسعار العالمية للأغذية، التي نفذ جزء كبير منها إلى الأسواق الداخلية للمملكة. أما الفترة الممتدة بين 2000 و 2007، فقد ارتفع مؤشرها بنسبة 23.2 في المائة. ومن هذه التغيرات للفترات الثلاث يمكن استنتاج أن مؤشر المواد الغذائية ارتفع بنسبة تقارب 110 في المائة خلال العقدين الماضيين، وهذه النسبة مقربة، أو أن أسعار الأطعمة والمشروبات تضاعفت على الأقل.
جاءت معظم زيادات الأسعار المحلية للمواد الغذائية نتيجة ارتفاعات أسعار بعض بنود الأغذية المهمة، كلحوم الماشية والدواجن والأسماك، وبدرجة أقل تضخم أسعار بعض الخضراوات والفواكه. وشهد بند واحد وهو الخبز ثباتا في الأسعار طول الفترة بسبب الدعم المقدم. ولم تتغير أسعار الريال بالدولار خلال الفترة، وهو ما ألغى تأثيرات تقلبات العملة بدرجة كبيرة. وعند المقارنة بتغيرات أسعار المواد الغذائية في الولايات المتحدة - التي تغيب فيها تأثيرات تقلبات العملة عند المقارنة بالمملكة - نجد أن زيادة أسعار الأغذية في المملكة أعلى بقليل من زيادات أسعار الأغذية للمستهلك الأمريكي خلال الفترة. وارتفع مؤشر الغذاء في المنزل كما تبينه مصادر المعلومات الأمريكية منذ بداية الألفية من 166.3 في كانون الثاني (يناير) 2000 إلى 252.4 في آب (أغسطس) 2020، أي بنسبة زيادة بلغت 51.2 في المائة، بينما ارتفع مؤشر كل الأطعمة والمشروبات بنحو 61.4 في المائة. وعند المقارنة بالكويت التي تعتمد على الاستيراد بشكل أكبر - وتوفر بيانات أسعار مناسبة - نجد أن أسعار المواد الغذائية ارتفعت فيها بنسبة 113.2في المائة خلال الفترة. والملاحظ أن ارتفاع أسعار الغذاء في الكويت قريب من تغيرات أسعار الغذاء في المملكة على الرغم من التأثيرات المحدودة لتقلبات الدينار الكويتي مع الدولار، ما يشير إلى انفتاحها على أسعار الغذاء في المملكة وتأثرها بعوامل مشابهة من ناحية إمدادات المواد الغذائية. فكلتا الدولتين تتأثر بما يحدث في المنطقة من مؤثرات في إمداد المواد الغذائية، كالأحداث التي مرت بها بعض دول المنطقة وأدت إلى قطع أو تأثر إمدادات بعض أنواع الأطعمة ما رفع أسعارها.
يلاحظ أن زيادة أسعار المواد الغذائية في المملكة أعلى من زيادة أسعار المواد الغذائية الأساسية في الأسواق العالمية. ويعود هذا إلى أسباب عدة، أبرزها احتواء المواد الغذائية في سلة أسعار المستهلك على بنود أكثر، وكذلك لوجود عوامل محلية داخلة في أسعار الغذاء، كالإيجارات والطاقة وتكاليف النقل والعمالة. كما تأثرت الأسعار أيضا بزيادات الدخول خلال الفترة التي ارتفعت خلال الـ20 عاما الماضية بشكل إجمالي.
وارتفع متوسط الناتج المحلي للفرد من 9255 دولارا في 2000 إلى 23174 دولارا في 2019. كما طرأت بعض الزيادات على تكاليف إنتاج وتسويق الأغذية، كخفض دعم الطاقة ودعم المواد الزراعية وفرض ضريبتي القيمة المضافة والمواد الضارة وارتفاع تكاليف العمالة. كما يدخل في تكاليف شراء الأطعمة والمشروبات كثير من الخدمات المحلية التي يضيفها الموزع والبائع.
إنشرها