"بلسان عربي مبين"

خطوة ثقافية حضارية مهمة أقرتها المملكة بصدور قرار مجلس الوزراء إنشاء مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية. لغتنا الجميلة الفاتنة التي قال عنها - صلى الله عليه وسلم - "إن من البيان لسحرا".
هذا التبني الجميل للغة القرآن الكريم سيكون له آثار عميقة على المديين المتوسط والطويل، فنحن يجب أن نعترف بمعاناتنا مع الأجيال الجديدة في هذا الشأن، فهم يهجرون اللغة شيئا فشيئا، وهم أحيانا مضطرون طالما أن أولى شروط الانخراط في الحياة العملية هو إجادة اللغة الإنجليزية.
أعمل في مجال الاتصال المؤسسي ولاحظت على مدى أعوام الضعف المتنامي في اللغة العربية، خصوصا في التسويق، وأدركت بالتجربة أن أحد الأسباب هو أن من يتولون ابتكار الحملات لكثير من الشركات والجهات يضعون جملهم باللغة الإنجليزية فتبدو حسنة لهم، ثم يتوهون في ترجمتها لتعطي المعنى نفسه أو الإيقاع أو التأثير.
لطالما نصحت من يطلب مشورتي أن يفكر بالعربية، ويبتكر شعاره بالعربية ثم إذا كان هناك حاجة يترجمه إلى اللغة التي يريد، خاصة أنه يخاطب متلقيا عربيا، في سوق عربية، حتى لو كان يريد جملا بالمحكية يجب عليه التنفيذ وفقا لهذه الآلية.
تعاملت مع أجانب كثيرين في القطاع، أو عرب بعيدين عن لغتهم، ورأيت كثيرا الدهشة والحيرة على وجوههم وأنا أستخرج لهم من القاموس مرادفات كلمة عربية واحدة كل واحد منها أجمل من الثاني.
لقد انتصر خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مجددا للغة العربية، وهو من دعم جهود فريقنا السابق في منظمة اليونسكو لينجحوا في أن تقر هذه المنظمة الأممية يوما عالميا للغة العربية هو الثامن عشر من ديسمبر من كل عام، تلك الخطوة التي قال عنها الملك سلمان - حفظه الله - "إننا نثمن خطوة اليونسكو تخصيص يوم عالمي للاحتفاء باللغة العربية الذي يرمز إلى بقاء قيمتها وأهميتها الحضارية".
لو كان لي من أمر التوظيف شيء لكانت إجادة اللغة العربية الشرط الذي يجب أن يتصدر المؤهلات المطلوبة، فمن يهجر لغته أو يبتعد عنها حتى لو مضطرا سيفقد جزءا من إبداعه وقوته، لأن ثقافته الأساس ولغته الأم هي العربية، ولأن اللغة التي يطلب منه إجادتها اسمها اللغة الأخرى، التي لا تمثله ولا تمثل تاريخه وحضارته.
لقد أثلج الملك المثقف صدور المثقفين في العالمين العربي والإسلامي، فهذه اللغة تستحق مجمعا عالميا سيكون على مستوى من يحمل اسمه، وسيكون أداؤه لافتا ومميزا بإذن الله.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي