Author

الأمن السيبراني

|
تعيش الجهات المتضادة أزمة الفعل ورد الفعل، حيث يعمل كل على كشف ما لدى الآخر من إمكانات ونوايا والدوران حولها لإيجاد وسائل تحقيق الأهداف، التي تتجاوز قدرات الخصم وتجهيزاته وإمكاناته.
أزمة التفاعل والتفاعل المضاد تتضح دوما في عالم الجريمة والعقاب، حيث يعمل المجرم للبحث في البدائل، التي يصل من خلالها إلى مبتغاه دون أن يكشف ويعاقب - بالتالي. هذه المحاولات تجري في كل مكان وتتبناها مجموعات الجريمة، التي تنمو لتصبح - في النهاية - مجاميع كبيرة الحجم قادرة على توفير الدعم، الذي يمكن أفرادها من تحقيق أهداف العصابات.
لعل المتابع لأحوال عدد كبير من الدول يكتشف حجم المعاناة، التي تعيشها الجهات المسؤولة عن أمن الناس من تعاظم حجم العصابات وقدراتها وارتباطها بتكوين بيئة فاسدة تحمي عملياتها في كل مواقع الحياة والعمل. حتى إننا شاهدنا كيف تمكن مجرم مثل "إسكوبار" من تدويخ دولة بكاملها واستدعى التخلص منه تعاونا دوليا حقق القبض على الرجل - في النهاية، لكنه لم يقض على الجريمة التي ستنمو لها مخالب جديدة بدأت تتشكل في اللحظة، التي قبض فيها على رئيس هذه العصابة.
مجتمعات كثيرة تعاني هذه الأنشطة والمكونات الإجرامية، وتعيش حالة من انعدام الأمن وانتشار الخوف، الذي يسيطر على كل الناس لمجرد ذكر أسماء أفراد أو مجموعات الجريمة. يمكن القول، إن هناك عناصر مهمة يمكن من خلال السيطرة عليها التعامل مع هذه الجرائم، لكنها لن تنهيها، لأن هذا جزء من التكوين البشري في المجتمعات فليس هناك ملائكة يسيرون على الأرض، بل بشر يطمحون ويطمعون وقد تؤدي بهم هذه الرغبات البشرية لارتكاب أمور تتعاظم مع الوقت لتكون الجريمة، التي تقض مضاجع الناس وتحرمهم من الحياة الكريمة السعيدة.
التطور الذي طال عمليات الجريمة لم ينه إشكالية العنف، لكنه اتخذ أشكالا جديدة بناء على اعتماد الناس على مزيد من العمليات الإلكترونية، وانعدام عناصر كان يعتمد عليها المجرم في السابق. هذا يستدعي أن تتغير أساليب التخطيط والتعرف والتعامل مع الجريمة، وبالتالي يتطلب مزيدا من التأهيل والكفاءة لمكونات العمل الأمني الذي يتعامل مع هذه التطورات الحديثة.
يرى كثيرون أن الأمن السيبراني أصبح أهم من الأمن المادي اليوم، ولهذا تتعاظم الحاجة إلى توعية الناس، وتثقيف وتأهيل العاملين في مجال مكافحة الجريمة والاستثمار في تجهيزات وآليات وبرامج حديثة وفعالة.
إنشرها