Author

القياس في فترة الأزمات

|
من المعروف أن القياس من الأدوات التي تمكن من التعرف على مستوى الإنتاجية، والتقدم نحو تحقيق الأهداف، وإحدى أدوات المقارنة التي تستخدم لمعرفة مستويات التحسن أو التراجع في الأداء. قياس الأداء Performance measurement يهتم بجمع وتحليل وإعلان النتائج الخاصة بأداء الأفراد أو المجموعات أو المنظمات في كل القطاعات "العام، الخاص، غير الهادف للربح".
في مقال سابق أوضحت أن المؤشرات تنقسم إلى نوعين رئيسين: المقاييس المالية Financial Indicators والمقاييس غير المالية Non-Financial Indicators. المقاييس المالية تعد أساسا في تطوير علم المقاييس والمؤشرات حيث نشأت وتطورت لقياس أداء المنظمات والمؤسسات والأفراد في تحقيق عوائد مالية وتنمية الثروات والتوسع التجاري. في حين عجزت المؤشرات المالية في قياس أثر ونتائج كثير من الأعمال والمهام التي ليس من السهل تحويلها إلى أرقام مالية، فظهرت المؤشرات غير المالية كمؤشرات عددية لتجاوز هذا الأمر. وأصبحت هذه المنظمات تعتمد على مؤشرات مالية وغير مالية في تقييم مدى نجاحها في أداء مهامها.
القياس هو الأداة التي يستخدمها القادة لمعرفة نتائج أعمالهم، ومدى التزامهم بما خطط له. حتى يكون القياس منطقيا يجب أن يتم في ظروف طبيعية، وبمقاييس وأدوات تسمح بعمل المقارنة بين النتائج المختلفة، للمقارنة الزمنية، أو المقارنة بالجهات المماثلة، أو المقارنة بما تم التخطيط له، ووفرت له الإمكانات. في ظل الظروف الاستثنائية التي يعيشها العالم بسبب جائحة كورونا من غير المنطقي استخدام القياس كمؤشر للمقارنة، حيث إن أهم شرط لتحقق المقارنة هو ثبات أو استقرار الظروف المحيطة والمؤثرة في الأداء. لكن في ظروف الجائحة من الطبيعي ألا يكون القياس منطقيا.
المخاطر تعرف احتمالية وقوع حدث معين قد يؤثر في المسيرة الطبيعية للمنظمة، التي قد تؤثر أيضا في تحقيق الأهداف الاستراتيجية أو التنفيذية لها أو التأثير في سير المشاريع والمبادرات أو أي تأثير يمكن حدوثه. وعدم استقرار الظروف العامة وحدوث الأزمات من المخاطر التي يمكن التنبؤ بها، أو على الأقل التعامل معها بطريقة تقود إلى بر الأمان دون حدوث أضرار جسيمة للمنظمات.
قدمت منظمة المعايير الأسترالية 1999 تصنيفا لمجموعة المخاطر على النحو التالي: أولا: المخاطر التجارية، وتشمل: إدارة الأصول، وتخطيط الموارد، انقطاع العمل، التغيير في البيئة المحيطة تقنيا أو سياسيا، عمليات تحويل العملات، دراسات الجدوى، نظم المعلومات وشبكات الاتصال، الاستثمار، عمليات التشغيل والصيانة، النقل والمواصلات، إدارة المشاريع، التمويل. ثانيا: المخاطر التشريعية، وتتضمن المسؤولية القانونية عن المنتجات، المسؤولية الإدارية، وعمليات التوظيف، والتدريب وعلاقات العاملين، البنود البيئية، ومنع الاحتيال، وتوافر المتطلبات القانونية، والمخاطر والمسؤوليات العامة. ثالثا: المخاطر الإنسانية التي تركز على أخلاقيات العمل، ومسائل الصحة البشرية والحيوانية والبيئية، والاستشارات التخصصية، والسمعة، والأمن. رابعا: المخاطر الطارئة ويندرج ضمنها كل أنواع المخاطر المفاجئة كالحرائق، والكوارث الطبيعية، والجوائح الطبية وغيرها.
وفي ظل ظروف الأزمة التي يعانيها العالم من الحكمة ألا يستمر التركيز على موضوعات قياس الأداء كما كان مخططا، وإنما من حسن التصرف أن تتم إدارة الأزمة، وإدارة الخطر بما يعيد الاستقرار كهدف أولي ثم العمل على استكمال ما خطط له سابقا.
إنشرها