السياحة الجبلية
هذا الصيف الذي يكاد ينتهي، تضاعفت فيه أعداد السياح الزائرين للمناطق الجبلية الباردة من المملكة، بعضهم جريا على عادة، وبعضهم ربما تكون المرة الأولى لإقفال السفر للخارج بسبب الجائحة.
اكتشف كثيرون سحرا في الطبيعة، وجمالا تنقشه السحب، ويحيطه الضباب، وتتخلله رشات المطر، وهذا كله سيصب في رصيد هذه المناطق السياحية مستقبلا، حيث أسهم "الإعلام الفردي" في نقل كثير من المشاهد والترويج والترغيب، بينما اكتشف البعض أن هناك نقصا في بعض الخدمات وارتفاعا في الأسعار، وهذه مباحث نقاش كون الطلب موسميا، وهو أكبر كثيرا من العرض في كثير من الخدمات.
يصعب على المستثمر إقامة مشروع كما في مخيلة البعض لتشغيله بين شهرين وثلاثة فقط، ولكي يتحقق ذلك لا بد من التشغيل في فترات أخرى من العام عبر تكاتف أمانات وبلديات هذه المناطق وهيئة السياحة وهيئة الترفيه وبالطبع القطاع الخاص، لإيجاد وابتكار مناسبات في فصل أو فصلين أخرى من فصول العام بجانب الصيف، ولنا في رالي حائل ومهرجان الملك عبدالعزيز للإبل - مثالا لا حصرا - مثالين حسنين لإنعاش المناطق في الشتاء والربيع. يمكن تطوير مهرجانات ومناسبات للمشي الجبلي والتسلق والزراعة والتخييم، ورياضات أخرى، كما يمكن ابتكار برامج صحية رياضية في المزارع الخاصة تقدم الطعام الطبيعي وبرامج الصوم وإزالة السموم كما المعمول به في أوروبا، ويمكن استنساخ ذلك وتحقيق عوائد لا تحتاج إلى كثير من الخدمات التي قد تكون سلاحا ذي حدين.
من المهم إدراك أن السياحة الجبلية لها وجهان، فمن ناحية هي تسهم في توفير فرص العمل وتحرك اقتصادات المناطق والأفراد وربما أسهمت في تقليل الهجرة الداخلية، ومن ناحية أخرى، الحفاظ على البيئة، أي الحفاظ على هذا الجمال لكي يظل جاذبا، ورأينا كيف أن الامتداد العمراني في بعض القرى والأماكن الشهيرة، ألغى كثيرا من البساتين المثمرة أو حول المكان إلى مجرد مكان بطقس بارد وزاد من الأسمنت في مقابل الشجر.
يمكننا تركيز الخدمات في المدن الرئيسة في هذه الجبال، وترك ما حولها من مناطق على طبيعتها، كما نرى في كثير من المناطق الجبلية حول العالم، بحيث يتحقق للسائح ما يرغب، وللمستثمر العوائد المعقولة وللبيئة رونقها وجاذبيتها.
الاستقطاب السياحي جزء من القوة الناعمة، ومناطق المملكة ثرية لجهة التضاريس، وتنوع الطقس، والخيارات الجبلية والبحرية والصحراوية، وثقافة السفر لدى السعوديين تعد واسعة، ويمكن تحقيق إنجازات كثيرة وكبيرة.