أمثال اقتصادية «1»
اشتهر عند الأمم بصفة عامة وعند العرب بصفة خاصة ضرب الأمثال، والأمثال هي خلاصة التجارب وتغني عن كثير من الكلام، حيث يمكن من خلالها إرسال رسالة قوية وواضحة للمتلقي. واستخدم ضرب الأمثال في القرآن الكريم كثيرا (ولقد صرفنا في هذا القرآن للناس من كل مثل...الآية)، وكذلك في السنة النبوية. وتتفاوت أغراض الأمثال فتجد أمثالا توجيهية مباشرة وأمثالا اقتصادية وأمثالا صحية وأخرى بيئية وهكذا. إن المثل ليغني في كثير من الأحيان عن ذكر قصة كاملة بل يمكن توجيه دفة الاجتماع من خلال ذكر مثل واحد يناسب الموقف، وقيل إنه تجتمع في المثل أربعة أمور لا تجتمع في غيره من الكلام، إيجاز اللفظ وحسن التشبيه وإصابة المعنى وجودة الكناية. وأمثال مجتمعنا في أساسها باللغة العربية الفصحى، لكن مع انتشار اللهجات أصبح أكثرها شيوعا هو ما يذكر باللهجة الشعبية أو العامية مع احتفاظه بالهدف الأساس. حديثنا في هذا المقال والمقالين المقبلين على ما يضرب من الأمثال في المجالات الاقتصادية ومن ذلك قولهم "اعقل حلالك بنصه" ويقصد به أنه إذا شعرت أن الأمور ليست على ما يرام فتدارك الأمر واقنع ولو بنصف رأس مالك لأنك إن لم تفعل فقد تفقده كله. وقولهم "العوض ولا القطيعة" أي ارض باليسير فذلك أفضل من الحرمان بالكلية. ومن الآثار الدارجة "البخل عدو المرجلة" أي أن من كان بخيلا فقد افتقد خصلة من خصال كمال الرجولة، ويضاد هذا المثل قولهم "فلان ما تطفي ضوؤه" كناية عن شدة كرمه حتى إن ناره التي يوقدها لإكرام الضيوف مولعة باستمرار، تحسبا لأي ضيف قد يطرق ليلا أو نهارا. وتحذر كثير من الأمثال من الطمع وتحث على القناعة ومنها قولهم "من طمع طبع" أو "يبي الطمع وأخذت ركابه" أو "من بغاه كله خلاه كله"، وهذه كلها تشير إلى أنه من المفترض على من ينوي دخول عالم المال أن يحكم عقله ولا يغريه الطمع فيضع كل رأسماله في مجال واحد، خاصة مع الربح السريع الذي قد يظهر في البدايات، ويؤيد ذلك قولهم "إذا جاك باب طمع سده بباب يأس".