Author

الشأن التعليمي مرة ثانية

|
استكمالا لمناقشة ما يفترض أخذه في الحسبان بشأن التعليم خلال الفترة المقبلة، وقد طرحناه في مقال الأسبوع الماضي أجد من واجبي وغيري من المهتمين بالشأن التعليمي، والعاملين فيه الاستمرار في المناقشة وطرح التساؤلات، مساعدة للوزارة على وضع الخطط التفصيلية مع قرب بدء العام الدراسي، إذ لم يبق سوى ما يقارب الشهر، والوزارة لم تعلن إلا خطة عامة، ووعدت بوضع الخطط التفصيلية.
الحقيقة، إن الحقل التعليمي كبير ومعقد التفاصيل، حيث عشرات الآلاف من المدارس وملايين الطلاب، ومئات الآلاف من المعلمين والإداريين والفنيين مع تعدد القضايا، ذات الأهمية واجبة العناية والاهتمام بها، كخدمات النقل والنظافة والخدمات الصحية بالتعاون مع وزارة الصحة، وفوق هذا كله سيرورة وجودة العملية التعليمية في ظل ظروف الجائحة التي لا يعلم أحد متى زوالها.
في وضع كهذا تسود الضبابية فيه بشأن كوفيد - 19، كنت أتوقع أن تعمل الوزارة بجميع طاقتها خلال الفترة الماضية، منذ تعطلت الدراسة المباشرة لوضع خطط تحاكي جميع السيناريوهات المحتملة، فمثلا قد نضع ثلاث خطط كبيرة ومفصلة وهي الخطة (أ)، والخطة (ب)، والخطة (ج)، حيث تكون الخطة (أ) خاصة بالظروف الاعتيادية الخالصة، كما كان الأمر قبل كورونا، وعلى افتراض زوال الجائحة كلية، مع وضع الترتيبات، والاحتياطات اللازمة في حال عاد الوباء، حيث يتم التكيف مع الوضع الطارئ دونما إرباك للعملية التعليمية.
أما الخطة (ب) فتخصص في حال استمرارية الوباء، واستحالة الدراسة بصورة اعتيادية في مناطق المملكة كافة ومدنها، وهذا سينطبق عليه النطاق الأحمر بكل ما يعنيه ذلك من تغيير في المنهجية، بجميع تفاصيلها بعد استخلاص الدروس التي خرجنا بها بعد تعطيل الدراسة، واعتماد التعليم عن بعد، ووضع النقاط على الحروف في كل صغيرة وكبيرة وشاردة وواردة في التعليم، بناء على ملاحظات العاملين في الميدان، والتقارير وآراء الخبراء وأولياء الأمور.
ولعل من الأسئلة الواجب الإجابة عنها في هذا الوضع كيف سيتعلم الطلاب ومن يعلمهم وهم خارج المدرسة، وهل المنصة التعليمية التي وضعتها الوزارة في المرحلة الماضية أدت مهمتها، وما نسبة نجاحها، وما الدور الممكن أن تقوم به الأسرة، وهل كل الأسر قادرة على القيام بأي دور، وما نسبة قناعتنا الموضوعية، وليست العاطفية بما حققته المنصة من نجاح، وإذا كانت نسبة نجاحها، وفائدتها متواضعة فما البديل الأكثر مناسبة، وهل آليات تقويم الطلاب كانت مناسبة، وإن لم تكن كذلك فما البدائل، وهل الطلاب، وأولياء أمورهم مقتنعون بجودة آليات المرحلة الماضية، وهل نحن مقتنعون بالمخرجات؟.
الخطة الثالثة (ج) للوضع المختلط، أو الوضع البرتقالي، حيث انخفاض حدة الوباء وتراجعه، لكن بنسب متفاوتة بين مناطق، ومدن المملكة، وهذا يستدعي طرح تساؤلات عدة، إضافة لما طرحناه في مقال الأسبوع الماضي، خدمات نظافة المدارس، وخدمات الوقاية، والنقل، والجدول اليومي لعمل المدارس، فما الذي يمنع أن تعمل المدارس طوال اليوم ليساعد ذلك على إعطاء الحصص الدراسية كاملة في المناطق التي ينطبق عليها الوضع البرتقالي، وفي هذا الوضع يمكن إعطاء مكافآت خارج دوام للمعلمين، والهيئة الإدارية والفنية ومقدمي الخدمات اللوجستية، نظير استمرارهم في العمل طوال اليوم.
مناطق المملكة ومدنها تختلف من حيث الكثافة السكانية، وقد يكون من المناسب التفكير في الاستعانة بالمعلمين المتقاعدين لتقديم الخدمة للطلاب مكان إقامتهم وما حولها، حتى لو احتاج الأمر إلى تقديمها لأبناء المناطق الأخرى من خلال تطبيقات التعليم عن بعد، ويمكن تقسيم الطلاب لمجموعات مناسبة الحجم، وتحت إشراف ومتابعة يومية من إدارة التعليم ولضمان الجدية والانضباط، يمكن تقديم الخدمة من مقر إدارة التعليم، أما عمليات التقويم فتتم من خلال اختبارات متعددة وقصيرة وسريعة ومشاريع، ومناقشات متعمقة حسب المراحل الدراسية، وتكثيف للواجبات على أن يكون هناك اختبار مركزي تضعه الوزارة أو إدارات التعليم لضمان جودة العملية التعليمية وإشاعة مناخ الجدية، لضمان تعليم جيد وقوي يؤهل الطلاب لمواجهة تحديات الحياة ومفاجآتها.
في كل الحالات أرى من الأهمية بمكان التفكير في جهود تعويضية للطلاب على ما فاتهم في الفصل الدراسي الماضي، خاصة مواد كالرياضيات، والعلوم، واللغة العربية التي تستوجب تعلم قواعد، وأسس كالنظريات، والقوانين، والمعادلات لتتم عملية تعلم مواضيع جديدة، حيث تخصص الحصص الأولى في الفصل الدراسي للمواضيع التأسيسية. الأسئلة الممكن أن تتضمن إجاباتها في الخطط التفصيلية كثيرة، لكن مساحة هذه الزاوية لا تسمح بعرض كل شيء.
إنشرها