Author

استقلال الجامعات

|
قرار استقلال ثلاث جامعات سعودية نقلة مهمة نحو اللامركزية، وتحقيق مزيد من الرفاهية المتأتي من تخفيف العبء على الحكومة، وتجربة نوع من الحرية مرتبط بتحقيق أهداف البلاد وتعليمها واقتصادها وثقافتها، وشحذ القدرات لتحويل هذه الجامعات، والجامعات التي ستستقل مستقبلا، إلى روافد للدخل الوطني إذا نجحت في سن وتطبيق أنظمة حوكمة وشفافية واضحة وصارمة.
"الاستقلالية المنضبطة"، كما أسماها وزير التعليم في البيان الرسمي، ستتيح لهذه الجامعات "بناء لوائحها الأكاديمية والمالية والإدارية وإقرار تخصصاتها وبرامجها وفق الاحتياجات التنموية وفرص العمل في المنطقة التي تخدمها، وذلك وفق السياسات العامة التي تقرها الدولة".
في عام 2010 كتبت، "لا توجد أزمة في تمويل التعليم الجامعي، حيث تسعى الحكومة جاهدة إلى توفير التمويل اللازم للجامعات في ضوء أولويات الأهداف التي تترجمها غالبا الميزانية المرصودة للتعليم العالي، إلا أن الزيادة السكانية المطردة، وارتفاع نسبة من هم في سن التعليم، وارتفاع تكلفته، يتطلب تمويلا إضافيا لزيادة الطاقة الاستيعابية للجامعات، ودعم البحث العلمي، ومواجهة الزيادة في التكلفة"، وكان ذلك في عام 2010 بعد أن بدأ بعض الجامعات تبني فكرة التمويل الذاتي.
التمويل الذاتي جزء مهم، أو لعله أهم جزء في تحقيق الاستقلال المنضبط، ويتأتى ببناء الأوقاف، وبالاستثمار بأشكال مختلفة، مع الحصول على تسهيلات إجرائية حكومية. فعلى سبيل المثال، حصلت جامعة الملك سعود على مساندة ومنح مالية من مصرفين أو ثلاثة، وشركات أخرى لبناء أوقافها الضخمة على طريق الملك خالد في الرياض. وأعرف أن جامعة الملك فهد للبترول والمعادن حصلت على مساهمات مماثلة ضمن المسؤولية الاجتماعية لبعض المصارف والشركات، لكن الحاجة ستزداد إلى حلول مبتكرة تمكن الجامعات من تحقيق التمويل الذاتي كاملا.
تبدو الأوقاف من أهم الممارسات المعمول بها عالميا لتحقيق التمويل المستدام، ومعها يمكن التفكير في البدء بقبول الأجانب برسوم شأنها شأن جامعات العالم، وفي الفوز ببراءات الاختراع، ثم البطولات الرياضية والثقافية، لحشد التأييد الجماهيري العام، والاكتشافات الجديدة للفوز ربما بمشروع يؤمن دخلا دائما للجامعة إلى الأبد إذا تحولت براءة اختراعها إلى منتج وحفظت حقوق ملكيته الفكرية، وهذه بحد ذاتها عملية تحتاج إلى استثمارات ضخمة قبل قطف ثمارها.
الحديث طويل وشائق في هذا الملف، الذي سيوجد تمايزا بين الجامعات، ويثري التجربة التعليمية والحضارية، ومن ثم الاجتماعية، وهي مكاسب لا تقل أهمية عن المكسب الاقتصادي، سواء للحكومة أو لهذه الجامعات.
إنشرها