Author

نيوم .. استثمارات متجددة

|

تشير تقارير برنامج الأمم المتحدة للبيئة، إلى أن الاستثمار العالمي في تشييد قدرات جديدة للطاقة المتجددة، سيبلغ 2.6 تريليون دولار بنهاية العقد الحالي، بما يزيد على ثلاثة أمثال الاستثمارات في الأعوام العشرة السابقة، وأن سياسة الطاقة المتجددة للقرن الـ21، تشير إلى أن الاستثمارات في التركيبات الجديدة لمشاريع الطاقة المتجددة والنظيفة، تجاوزت قيمة ما يتم إنفاقه على التجهيزات الجديدة لتوليد الطاقة من مصادر الوقود التقليدية. ووصف الخبراء الاستثمار في الطاقة المتجددة بأنه الأكثر نموا، كما أن مستقبلها مربح.
لذا، خطت الحكومة السعودية خطوات كبيرة في تنفيذ مشاريع في هذا القطاع ضمن خططها الاقتصادية المتنوعة، وتأتي وتنبع هذه الفكرة من أن السعودية تتصدر الدول النفطية عالميا، وأيضا في الاستثمار في الطاقة المتجددة والنظيفة، بل لا تزال في الصدارة في مجال تخفيف الأضرار البيئية الناجمة عن استخدام الوقود الأحفوري، عبر استثمارات كبيرة في تطوير هذا النوع من الوقود.
وهي بذلك انضمت إلى قائمة الدول الأكثر اهتماما بالبيئة العالمية، وسنت سلسلة من القوانين في الساحة المحلية، لصيانة البيئة في القطاعات ذات الصلة.
كل هذا يأتي ضمن المعايير التي فرضتها رؤية المملكة 2030، والمشاريع الهائلة التي تختص بالطاقة بكل أنواعها، ضمن هذه "الرؤية" التي أطلقت في الواقع استراتيجية البناء الاقتصادي الشامل والمستدام. فموضوع الطاقة في السعودية، هو محور رئيس ليس فقط في مرحلة البناء الاقتصادي، بل في المستقبل البعيد. مع ضرورة الإشارة إلى القدرات الكبيرة التي تتمتع بها البلاد في هذا القطاع الحيوي العالمي الهائل. وهذا ما يفسر تلقائيا مشروع الطاقة الجديد، الذي أطلقته المملكة، وهو مشروع هيدروجين صديق للبيئة على المستوى الدولي. وهذا المشروع العملاق، الذي أعلنته شركة "نيوم"، وتصل قيمته إلى خمسة مليارات دولار، سيكون ضمن منشأة في منطقة نيوم، لإنتاج الهيدروجين بطريقة صديقة للبيئة، إضافة إلى تصديره إلى السوق العالمية. وهذا النوع من الطاقة سيسهم مباشرة في حلول مستدامة لقطاع النقل العالمي، من خلال تعزيز مشاركة السعودية في مواجهة التحديات الناجمة عن التغير المناخي، بما في ذلك تخفيض الانبعاثات الكربونية، التي صارت الشغل الشاغل للحراك الدولي، بسبب الأضرار التي تسببها للبيئة. إنه - ببساطة - مشروع يصب في نطاق الاهتمام المباشر والخاص، الذي يوليه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان، اهتمامهما.
وبسبب هذا الاهتمام غير الجديد من القيادة في المملكة، كانت مشاريع الطاقة المتجددة في "رؤية المملكة" أساسية ومحورية، فالاستثمارات السابقة، وتلك التي يخطط لها، شملت الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
فقبل خمسة أعوام تقريبا، أعلنت جهات مختصة في شؤون الطاقة الألمانية، قدرة السعودية في غضون عشرة أعوام على تصدير الطاقة الشمسية للعالم، نظرا إلى حجم الاستثمارات فيها، فضلا عن تمتع البلاد بموارد شمسية طبيعية واضحة.
بل توقعت الجهات نفسها، أن تتجاوز المملكة قدرات ألمانيا نفسها في هذا الخصوص، علما بأن هذه الدولة الأوروبية تعد من الدول المتقدمة على الساحة العالمية في هذا المجال المتطور.
ومن هنا، يمكن فهم تحرك القيادة السعودية على صعيد الطاقة المتجددة، بما في ذلك الطاقة الهيدروجينية الحامية للبيئة.
ومن أهم المؤشرات أيضا على جدوى مشروع طاقة الهيدروجين الهائل، تلك الشراكة التي جمعت الحكومة بمخططاتها هذه، والمستثمرين من داخل السعودية وخارجها. وهذا الإقبال من جانب هؤلاء، يعزز حقيقة أن الرياض لا تتمتع فقط بجودة المشاريع الضخمة والمتطورة والضرورية عالميا، بل تنعم بمستوى ائتماني كبير لم يتعرض لأي مؤثرات سلبية حتى في عز تراجع أسعار النفط، وفي أوج الأزمة الاقتصادية الناجمة عن تفشي وباء كورونا المستجد.
لذلك، فإن الجهات الدولية تنظر باهتمام شديد إلى مشروع الطاقة الهيدروجينية، وتأمل في الوقت نفسه أن يشهد هذا القطاع تقدما على الساحة الدولية، لأسباب اقتصادية وبيئية صارت مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى.
إنها فعلا تحولات استراتيجية إيجابية عالمية، ما كانت لتظهر آثارها في الساحة السعودية، لولا مشاريع رؤية المملكة 2030، التي تصنع اقتصادا مستداما شاملا للأجيال القادمة.

إنشرها