الجائحة والشراكات بين القطاعين العام والخاص «1من 2»

أطلق البنك الدولي مجموعة ماراثونية خلال الشهر الماضي من جلسات تبادل الأفكار أو ما يعرف بالعصف الذهني BRAINSTORMING مع الوحدات الوطنية للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وممثلين حكوميين في أنحاء العالم للتعرف على كيفية تأثير جائحة فيروس كورونا في برامجهم للشراكة بين القطاعين العام والخاص. وأردنا من ذلك تشجيع التبادل الصريح للآراء فيما بين الجهات المناظرة على نحو يتيح المعلومات في مداولات، من أجل منتدى افتراضي للمعنيين بالشراكة بين القطاعين العام والخاص للحكومات من المقرر أن نقوم بتدشينه هذا الشهر.
وهدفنا هنا هو أن نقدم الدعم بشكل استباقي للدول، وهي تضع استراتيجيات لإدارة الأزمات والتعافي من آثارها لدعم مشاريع الشراكة بين القطاعين العام والخاص المتعثرة، والحيلولة دون تعثرها والتخفيف والحد من ذلك. وفي حين نتحرك بقوة للتصدي لفيروس كورونا، يشكل هذا جانبا من نهجنا المتكامل للمساعدة على تعبئة تمويل القطاع الخاص وخبراته لتطوير البنية التحتية عموما، لإتاحة مزيد من الموارد للدول لهذا الغرض بتكلفة معقولة، وعلى نحو يحقق أفضل قيمة للمال العام. ونعرف أن متانة التعاون مع القطاع الخاص ستكون أكثر أهمية من أي وقت مضى في وقت تخرج الدول من الأزمة وهي تواجه قيودا أكثر في ماليتها العامة. ندرك أيضا من واقع الأزمات السابقة أن عديدا من الحكومات ستستخدم الإنفاق على البنية التحتية بعدها أحد تدابير تحفيز الاقتصاد وتعافيه. إن دورنا واضح للغاية: نحن هنا لمساعدة الدول على تحقيق الاستفادة المثلى من حلول القطاع الخاص المعنية بالبنية التحتية، التي تتصف بالاستدامة والمنعة وتسترشد بأفضل الممارسات، ومبادئ الحوكمة الرشيدة، والشفافية، واستدامة المالية العامة. كما نرغب أيضا في مساعدتها على ضمان أن تكون استثماراتها في مرافق البنية التحتية، سواء عبر أدوات القطاعين العام والخاص، مسارات لنمو أخضر منخفض الكربون وتعزز القدرة على مواجهة تغير المناخ وغيرها من الصدمات، مثل جائحة فيروس كورونا.
وهنا أعرض لكم كيف ننظر إلى هذا في الأمدين القصير والطويل. في الوقت الحالي تؤدي الاضطرابات المؤقتة للطلب وعمليات التشغيل إلى خسائر في الإيرادات بالنسبة للشراكات بين القطاعين العام والخاص. ولا غرابة في ذلك، ونحن نتتبع الوضع من كثب. والوضع نفسه ينطبق على حالات التأجيل التي تطرأ على الجداول الزمنية للتشييد بسبب مشكلات على جانب العرض مثل الاضطرابات التي تعتري سوق العمل، والمعدات، والمواد الخام للمشاريع قيد الإنشاء.
في الأمد المتوسط، نتوقع اتجاها نزوليا مستمرا في الإيرادات من المشاريع العاملة، وتأثيرات معاكسة في القدرة على الحصول على التمويل للمشاريع التي لم تبلغ مرحلة الإغلاق المالي النهائي بعد، واضطرابا في الجداول الزمنية للإنشاءات للمشاريع الجارية بالفعل.
إلى أي مدى يجب أن نشعر بالقلق؟ هذا سؤال بالغ الأهمية. ربما يجري تعويض الخسائر قصيرة الأمد مع تعويل المشغلين من القطاع الخاص على احتياطيات الإيرادات والمكون الثابت في مدفوعاتهم من عقود الخدمات طويلة الأمد أو عقود البيع المسبق، وعبر إبطاء الاستثمارات غير الضرورية. في الحقيقة، عندما تضم الجداول الزمنية للمشاريع أحكاما بشأن حدوث تأخيرات في حالات وجود مخاطر، فيمكن تعويض الوقت الضائع في هذه الجداول دون تأثير دائم في العوامل الأساسية للمشروع. وربما يجري تطبيق أحكام القوة القاهرة، والتعويضات، وإدخال تعديل على الأحكام المتفق عليها تبعا لظروف كل حالة.
ويمكن الحد من تلك التأثيرات بدرجة معقولة من النجاح من خلال عدة تدابير، منها أحكام القوة القاهرة والتعويضات، من خلال استخدام التمويل التجسيري، وعمليات ضخ رأس المال، وإعادة التفاوض بشأن المعايير الأساسية للمشروع، وإدخال مرونة تنظيمية على مؤشرات الأداء وغيرها. وإذا كانت تأثيرات الجائحة تقتصر على الأمد القصير أو المتوسط، فإن المخاطر الائتمانية للمشروع والقدرة على الحصول على التمويل قد لا تتغير بشكل جذري.
علاوة على هذا، فإن إدخال تعديلات على العقود القائمة للشراكة بين القطاعين العام والخاص ببساطة أمر غير ممكن دون خطوات استباقية من جانب الحكومات والجهات الراعية والمقرضين، بالنظر إلى المرونة المحدودة للعقود في التكيف مع التغيرات الجذرية. وقد يصبح إنهاء العقود وعمليات إعادة الشراء التي يدشنها أي من الطرفين حقيقة مع اختيار الحكومة أو إجبارها على تشغيل وصيانة المشاريع المتعثرة. ورغم أن هذا يبدو احتمالا ضعيفا، يجب أن يتحلى واضعو السياسات بالحذر ويقوموا بتقييم المخاطر على مستوى القطاعات والمشاريع مع تطور الموقف... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي