قطاع الطيران يواجه أكبر اضطراب في تاريخه.. التعافي سيكون طويلا وبطيئا

قطاع الطيران يواجه أكبر اضطراب في تاريخه.. التعافي سيكون طويلا وبطيئا
منظمة الطيران المدني أصدرت سلسلة توصيات بشأن الإجراءات الوقائية في مرحلة ما بعد الوباء.

من سترات واقية لأفراد الطواقم إلى شهادات صحية للمسافرين، وفرض وضع أقنعة واقية وفترات أطول لإنهاء معاملات السفر، يواجه الراغبون بالتنقل جوا من جديد احتمال أن تكون التغييرات المفروضة للحد من انتشار كوفيد - 19 أصعب من تلك التي أدخلت بعد هجمات أيلول (سبتمبر) 2001.
وقال الإندونيسي سوي إنتو بعد تنقله في رحلة داخلية نهاية الشهر الفائت "قبل الوباء، كان يطلب منا الحضور إلى المطار قبل ساعتين من موعد الرحلة، هذه المرة اضطررنا للمجيء قبل أربع ساعات على الأقل من موعد الإقلاع".
ووفقا لـ"الفرنسية"، أشار إلى أنه والمسافرين معه اضطروا للوقوف في طوابير طويلة وخضعوا لعمليات تدقيق كثيرة قبل الوصول إلى الطائرة، حيث يتعين على الركاب في البلاد الإبلاغ عن سبب الطيران وتقديم وثائق تثبت عدم إصابتهم بالفيروس والخضوع لعمليات تدقيق مختلفة وتقديم بلاغ مفصل عن تحركاتهم المرتقبة بعد الوصول إلى وجهتهم.
واضطر سويانتو البالغ 40 عاما لدفع ثمن مضاعف لتذكرة السفر مقارنة بما قبل الوباء في ظل ترك مقاعد شاغرة في الطائرة التزاما بمبادئ التباعد الاجتماعي، مضيفا "كانت التجربة متعبة ومكلفة أكثر، مع هذا النوع من التدابير المشددة، أظن أن الناس سيفكرون مليا قبل اتخاذ قرار بالسفر".
وفي ظل محاولة قطاع الطيران البحث عن سبل للاستمرار في ظل الخسائر الفادحة المتأتية التي تكبدها جراء وباء كوفيد - 19، يحذر خبراء من أن تبعات الجائحة قد تستمر طويلا.
وأوضح شكر يوسف المحلل في مجموعة "إنداو أناليتيكس" المقيم في ماليزيا أن "هجمات 11 أيلول (سبتمبر) أوجدت بيئة جديدة لقطاع السفر برمته على الصعيد الأمني، غير أن التحدي المرتبط بوباء كوفيد - 19 أخطر للغاية، وهو حدث عالمي".
وقد أصدرت منظمة الطيران المدني الدولي التابعة للأمم المتحدة سلسلة توصيات بشأن الإجراءات الوقائية في مرحلة ما بعد الوباء، بما يشمل ضرورة وضع الكمامات وتعقيم كل النقاط التي يحتك بها المسافرون.
كذلك اقترح اتحاد النقل الجوي الدولي (إياتا) على الحكومات جمع بيانات بشأن المسافرين بما يشمل معلومات عن وضعهم الصحي قبل السفر، داعيا إلى حصر إمكان دخول المطارات بطواقم العمل والمسافرين في اليوم عينه.
وتشمل تدابير أخرى إعادة تصميم بوابات الانتظار بما يخفف الازدحام وتسهيل عملية تسجيل الركاب والحقائب و"حظر طوابير الانتظار أمام المراحيض" للحد من التفاعلات بين الركاب.
وقال ألبرت تيونج المتحدث الإقليمي باسم اتحاد "إياتا" إن "أزمة كوفيد - 19 تشكل أكبر اضطراب في تاريخ قطاع الطيران وسيكون التعافي من هذه المرحلة طويلا وبطيئا".
ويبدو أن تطبيق القواعد الجديدة في قطاع الطيران مهمة صعبة تتسم بالفوضوية، ففي ظل فرض شركات طيران أمريكية على ركابها وضع كمامات طوال مدة الرحلة، ثبتت صعوبة إرغام المسافرين الممتنعين بالتزام هذا الموجب.
وفي الهند التي استؤنفت فيها الرحلات الداخلية الأسبوع الفائت، يرتدي بعض أفراد طواقم شركات الطيران بزات واقية مع وضع كمامات وعوازل بلاستيكية أمام الوجه وقفازات، غير أنهم لا يعلمون بضرورة التزامهم الحجر المنزلي بعد السفر وفق تقارير إعلامية.
وقد وضع مطار بومباي تدابير تباعد اجتماعي في حرمه لكن سرعان ما ذهبت هذه الجهود أدراج الريح بعدما تعرض مسافرون غاضبون لموظفين في الموقع إثر إلغاء رحلاتهم في الدقائق الأخيرة قبل الإقلاع.
ويبقى أكثر التدابير إثارة للجدل خلال مرحلة ما بعد الوباء هو ذلك المرتبط بترك المقاعد الوسطى شاغرة داخل الطائرات.
وفيما بدأت شركات طيران تطبيق هذا المبدأ من بينها "جابان إيرلاينز" و"دلتا"، وصف مايكل أوليري رئيس شركة "راين إير" الإيرلندية للرحلات المنخفضة التكلفة هذا الإجراء بأنه غبي، قائلا إنه سيحول دون تحقيق أي أرباح.
وقد تسبب وباء كوفيد - 19 الذي انطلق في الصين نهاية العام الفائت وأصاب أكثر من سبعة ملايين شخص حول العالم، بشل حركة الطيران بصورة شبه كاملة فضلا عن عمليات صرف طالت عشرات آلاف الموظفين في القطاع.
وفي الوقت الذي يتوقع فيه اتحاد "إياتا" تكبد القطاع خسائر تفوق قيمتها 84 مليار دولار هذه السنة، قال غوه تشون فونج الرئيس التنفيذي لـ"سنغابور إيرلاينز" لا نعلم كيف سيكون مسار التعافي بعد هذه الأزمة التي كبدت الشركة أولى خسائرها السنوية منذ إنشائها قبل 48 عاما.
وتسجل بعض مؤشرات التعافي مع تخفيف اقتصادات كبرى القيود المتصلة بالوباء وبيانات منظمة "إياتا" بشأن ازدياد عدد الرحلات خلال نيسان (أبريل) وأيار (مايو)، غير أن عودة الوضع إلى ما كان عليه قبل الوباء تبدو صعبة.
ويواجه الراغبون في السفر تعقيدات كثيرة تعوق عملية التخطيط لإجازاتهم الشخصية أو العائلية مسبقا في ظل القيود والتدابير المختلفة المفروضة من البلدان للتصدي لانتشار فيروس كورونا المستجد، بينما لا يزال بعض البلدان يحظر سفر رعايا بلدان متضررة بشدة جراء الوباء كما يفرض على الزوار حجرا منزليا لفترة 14 يوما.
وتسعى بلدان نجحت في تطويق انتشار الفيروس على أراضيها إلى إقامة ما سمي "ممرات سفر" تقوم على إبرام اتفاقات متبادلة مع بلدان أخرى تشهد مستوى انتشار مشابه للفيروس، غير أن هذه المهمة قد تتطلب إجراءات مكلفة.
وجرى إطلاق "خط سريع" للرحلات التجارية الأساسية والتنقلات الرسمية بين بعض أجزاء الصين وسنغافورة، غير أن المسافرين يحتاجون إلى كفيل لهذه الغاية فضلا عن ضرورة خضوعهم لفحوص كشف الفيروس قبل الانطلاق وعند الوصول.
وتدفع هذه التعقيدات كثيرين من رواد السفر إلى الامتناع عن التنقل جوا في الوقت الحاضر.
وقال فضل بحر الدين الرئيس التنفيذي لوكالة "حلال تريب" للسفر الموجهة للمسلمين "إذا ما كان علي مواجهة هذا العناء كله، قد أحجم عن السفر إلا في حالات الضرورة".

الأكثر قراءة