Author

السياسة النقدية المتطرفة في زمن الجائحة «2 من 2»

|

* أستاذة الاقتصاد الدولي - معهد كوين ماري للسياسة العالمية
 

الدعم مطلوب أيضا لتخفيف الضغوط المفروضة على البنوك المركزية. من ناحية أخرى، هناك أسباب وجيهة لتجنب سلوك طريق السياسة النقدية الأكثر تطرفا.
وبادئ ذي بدء، تميل السياسات النقدية المتطرفة إلى الحد من نطاق إشارات السياسة في المستقبل وتقليل فاعلية أسعار الفائدة، التي تشكل في الظروف العادية أدوات قوية للتأثير في الناتج وتشغيل العمالة. ثانيا: من الممكن أن تؤدي إلى تفاقم نقاط الضعف القائمة منذ ما قبل الجائحة التي كانت تهدد الاقتصاد العالمي بالفعل، خاصة بسبب تراكم الديون، وسوء تخصيص الائتمان، والسيولة الزائدة في قطاع الشركات (حيث كانت ميزانيات عدد كبير للغاية من الشركات غير منضبطة).
تقودنا هذه المخاوف إلى النقطة الثالثة: فزيادة تخفيف شروط الائتمان وتوسيع برامج الائتمان المدعومة من قبل الحكومة من شأنه أن يدفع بمزيد من الديون إلى الشركات التي لم تعد في وضع يسمح لها بتحويل هذه الديون إلى قيمة. وستبذل الجهود للإبقاء على الشركات "الزومبي" المفلسة على قيد الحياة اصطناعيا. وحتى إذا نجحت هذه التدابير في الحفاظ على الوظائف في الوقت الحالي، فإن هذا لا يعني أنها تشكل الاستخدام الأكثر فاعلية للموارد المالية. ويجب أن يكون "العقد الضائع" في اليابان بمنزلة قصة تحذيرية. كلما طال أمد بقاء الشركات المترنحة تعاظمت الخسائر عندما تنهار في النهاية.
أخيرا، يفرض الاعتماد على السياسة النقدية عندما تكون السياسة المالية أكثر ملاءمة خطرا يتمثل في تعزيز تفضيل المستثمرين المفرط للسيولة، وبالتالي تعميق فخ السيولة. غني عن القول، إن السياسات النقدية المتطرفة من الممكن أن تؤدي إلى توليد عواقب وخيمة وغير متوقعة. فرغم أن السياسة النقدية غير التقليدية أصبحت الآن هي القاعدة، فإننا لا نزال غير متأكدين من كيفية عملها، أو كيف تؤثر في توقعات الناس وسلوكياتهم.
إذا كان نطاق السياسة النقدية محدودا، فمن المؤكد أن نطاق السياسة المالية ضيق أيضا. لكن الطوارئ الحالية والتهديد بحدوث ركود عميق أو ربما حتى كساد عميق يدعو بلا أدنى شك إلى سياسات مالية "غير تقليدية" مدعومة بأدوات أخرى، مثل صندوق التعافي الأوروبي الذي اقترحته فرنسا وألمانيا أخيرا، وأدوات سوق رأس المال المبدعة مثل، السندات الدائمة التي اقترحت أيضا للاتحاد الأوروبي.
تتطلب الأوقات الاستثنائية تدابير استثنائية. لكن يجب أن نتجنب تكرار الخطأ الذي وقع 2010، عندما ضغطت الحكومات على مكابح السياسة المالية في حين أبقت على محرك السياسة النقدية على وضع السرعة العالية. الآن، أكثر من أي وقت مضى، بات من الضرورات الحتمية منع فجوات التفاوت القائمة من الاتساع. والسياسات المالية وحدها القادرة على مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكيت، 2020.
إنشرها