الاقتصاد الإيطالي يواجه لحظة الحقيقة «2 من 2»

هذه المشكلات ليست جديدة على إيطاليا. خلال حملته الانتخابية الأولى 1994، وعد رئيس الوزراء الأسبق سيلفيو برلسكوني، الذي توفي في الـ12 من حزيران (يونيو) الجاري، بإنعاش الاقتصاد وإيجاد مليون فرصة عمل جديدة، لكن هذا لم يحدث. لم تكن السياسات الاقتصادية السليمة أبدا علامة مميزة لحكومات برلسكوني الثلاث.
لحسن حظ جيورجيا ميلوني، في مواجهة هذه التحديات، من المنتظر أن تحصل إيطاليا على 191.5 مليار يورو إضافية "205 مليارات دولار" من صندوق الاتحاد الأوروبي للتعافي من الأوبئة البالغ 800 مليار يورو. وفي إطار الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود NRRP، تلتزم إيطاليا بتقديم الأموال اللازمة للتغلب على عديد من التحديات الهيكلية التي تعوق الإنتاجية، مع التركيز على الرقمنة والابتكار، والانتقال إلى الطاقة النظيفة، والإدماج الاجتماعي.
لا شك أن الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود ستسهم في تحويل الاقتصاد الإيطالي إلى مستوى أعلى. وفي إطار سعيه إلى تقليص الفجوات الإقليمية والجيلية والفجوات بين الجنسين، فإنها تخصص 82 مليار يورو للمناطق الجنوبية في إيطاليا، مع استثمارات في 500 مشروع ـ من نشر الحافلات الكهربائية إلى بناء خطوط السكك الحديدية عالية السرعة. ويستهدف نحو 72 مشروعا من هذه المشاريع مناطق صغيرة وستديرها السلطات المحلية.
لكن هل سيتم الانتهاء من هذه المشاريع في الوقت المحدد وفي حدود الميزانية؟ حذر مجلس مراجعي الحسابات الإيطالي المستقل أخيرا من أن الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود تتخلف بالفعل عن الجدول الزمني المتفق عليه. في الواقع، يتم تقويض طموح الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود بسبب العجز الهيكلي الذي يعود إلى أعوام عديدة. يجب إنفاق جميع الأموال بحلول 2026، لكن الدولة ببساطة لا تستطيع تنفيذ عديد من مشاريع البنية التحتية في مثل هذه الفترة القصيرة. وتتجلى هذه المشكلة بوضوح على المستوى المحلي، نظرا إلى مزيج من المهارات النادرة والتخفيضات السابقة في معدل موظفي القطاع العام.
لكن إذا لم يتم تحقيق أهداف الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود، فلن يتم صرف الأموال المخصصة بالكامل، وبالتالي سيتم تقليص الاستثمارات الإجمالية. على الرغم من موافقة المفوضية الأوروبية على الدفعة الثانية لإيطاليا "21 مليار يورو" في أيلول (سبتمبر) الماضي، إلا أن طلب الحكومة للحصول على الدفعة الثالثة "19 مليار يورو" معلق منذ كانون الثاني (يناير).
إن التحديات هائلة. تتمتع إيطاليا بفرصة لا تعوض لتحديث نفسها. ربما تتمثل أفضل طريقة للمضي قدما في موازنة بعض النفقات الفردية مقابل الهدف العام للخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود. في حين أن المشاريع المحلية ستستجيب بطبيعة الحال للمخاوف المحلية، إلا أنها لن تتماشى بالضرورة مع الهدف الأوسع المتمثل في زيادة الإنتاجية.
يستدعي تبسيط الخطة الوطنية للتعافي والقدرة على الصمود والحصول على موافقة الاتحاد الأوروبي مزيدا من التعاون بين الحكومة والمعارضة. لا تزال أمام إيطاليا فرصة لتحويل اقتصادها وتحقيق نمو أعلى مستدام. لكن يبقى أن نرى ما إذا كان القيام بذلك ممكنا من الناحية السياسية.
خاص بـ «الاقتصادية»
بروجيكت سنديكت، 2023.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي