Author

العين

|
ليس المقصود هنا بالعين تلك المدينة الإماراتية الجميلة، ولا العين البشرية التي دبجت لها القصائد الشعرية، وإنما المراد هنا العين اللامة أو عين الحاسد أو كما يحلو للبعض أن يسميها - عين ما صلت على النبي.
لا أحد ينكر الحسد وقد قال الحق سبحانه "ومن شر حاسد إذا حسد" ولا ننكر العين، وقد ورد في تأكيدها آيات بينات وأحاديث ثابتة. لذا،بداية دعونا نفرق بين الحسد والعين فهما ليسا شيئا واحدا، فالحسد تمني زوال النعمة عن الشخص واستكثارها عليه، أما العين فتحدث نتيجة انقداح نظرة عين الإنسان، وكأنها سهام تخرج من العائن فتصيب المعيون إذا قدر ذلك، ولذا فكل عائن حاسد وليس كل حاسد عائن، فالحسد لا يقع إلا من نفس خبيثة حاقدة، وأما العين فقد تقع من رجل صالح أو امرأة صالحة من جهة إعجابهم بالشيء دون إرادة منهم إلى زواله، ولذا فإن الاستعاذة الواردة في سورة الفلق من الحاسد يدخل فيها العائن. واشتهرت في المجتمعات العربية قصص وروايات حول العين وسرعة تأثيرها وقدرة العائن على التحكم فيها، منها ما هو حق ومنها ما هو باطل، ولكن المشكلة الرئيسة هي طغيان التوهم لدى البعض حول الإصابة بالعين، فلو رسب الطفل لقالوا أصابته عين "منظول" أو "منحوت"، وإن فشل مشروع لم تدرس جدواه الاقتصادية لقالوا "عين ما صلت على النبي"، وهكذا، وهذا دون شك توهم غير محمود وضعف في التوكل على الله سبحانه وتعالى، وقد يدفعهم هذا التوهم إلى الذهاب إلى أرباب الدجل والشعوذة، ولو حصن الإنسان نفسه بالأذكار الشرعية، فلن يصيبه مكروه - باذن الله. إن نشر الثقافة الشرعية من قبل وسائل الإعلام كفيل أن يصحح المفاهيم المغلوطة عند بعض الناس، وبالمناسبة فإنه حتى المجتمعات الغربية تؤمن بالعين وضررها، لذا يعلقون الميداليات ذات العين الزرقاء للحماية مما يسمونها EVIL EYE أو العين الشريرة، وأخيرا، فنحن لا ننكر ولا نشك أن العين حق، لكننا لا نقر إطلاقا المبالغة في الخوف منها، حتى لا نقتل جمال الحياة والكون من حولنا، ولأن ذلك ينافي كمال التوحيد "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا هو مولانا وعلى الله فليتوكل المؤمنون".
إنشرها