أخبار اقتصادية- عالمية

«أونكتاد»: 10 إجراءات لضمان أمن الصحة وقدرة الدول النامية على إنتاج الأدوية

«أونكتاد»: 10 إجراءات لضمان أمن الصحة وقدرة الدول النامية على إنتاج الأدوية

قالت منظمة الأمم المتحدة للتجارة والتنمية "أونكتاد"، "إن الاستجابة الدولية لجائحة كوفيد - 19 تفتقر إلى حد كبير إلى استراتيجية شاملة بشأن كيفية ضمان الصلة المفقودة بين البحث والتطوير من جهة والتوزيع من جهة أخرى، أي التصنيع على نطاق واسع".
وطالبت "أونكتاد" باتخاذ عشرة إجراءات رئيسة لضمان أمن الصحة العامة وإنشاء نظام للمشاريع الصحية الوطنية، لمعالجة المهمة الشاقة المتمثلة في تغيير أنماط الإنتاج، وتعزيز القدرة الإنتاجية للدول النامية على توليد الأدوية، حيث لا يمكن للمستثمرين والمنتجين المحليين وحدهم القيام بذلك.
وذكرت المنظمة أن ذلك قد تجلى بالفعل بوضوح في نقص كمامات الوجه والقفازات وبدلات العاملين الصحيين في إفريقيا، وهي مواد بسيطة التصنيع بشكل عام، ومع ذلك كان يتعين شحنها في كثير من الأحيان من على بعد آلاف الأميال.
ووفقا لـ"أونكتاد"، فإن ما مجموعه 40 في المائة من السوق العالمية لمعدات الوقاية الشخصية يتم توريده من قبل مصنعين في ثلاث دول فقط، و35 في المائة من المنتجات الطبية المتاحة عالميا تباع في ثلاث دول فقط. وقد نفذ ما لا يقل عن 47 دولة تدبيرا أو أكثر يؤثر في صادرات المنتجات المستخدمة في الاستجابة الصحية لوباء كورونا.
وأضافت أنه "بمجرد توافر علاج أو لقاح للفيروس، من المرجح أن يفوق الطلب الهائل العرض بسرعة أكبر، مع ما يترتب على ذلك من عواقب وخيمة على الإنصاف في مجال الصحة". في وقت سابق، كانت هناك آمال بأن تكون دول الجنوب العالمي أقل تأثرا بالفيروس، بسبب الظروف المناخية، لكن الوباء يضرب الآن الدول المنخفضة الدخل، حيث تعد أمريكا اللاتينية بؤرة جديدة له.
وحثت المنظمة تعزيز القدرة الإنتاجية المحلية لضمان أمن الصحة العامة في الدول المنخفضة الدخل. وبما أن الفيروس لا يعرف حدودا، فالقدرة الإنتاجية في الدول المنخفضة الدخل تسهم في المقابل في تحقيق الأمن الصحي العالمي. ومن منظور طويل الأجل، تغذي القدرة الإنتاجية المحلية الخبرة وتوفر فرص عمل جيدة في الدول منخفضة الدخل، ما يسهم في التحول الهيكلي والنمو الاقتصادي، فضلا عن التأهب للجائحة.
تقول "أونكتاد"، "ليس هناك وقت، علينا أن نتصرف على وجه السرعة" فإن إنتاج اللقاحات، على سبيل المثال، في جميع أنحاء العالم - الذي يزيد حاليا على خمسة مليارات جرعة سنويا - لن يكون كافيا لتلبية الطلب الجديد الهائل.
وحثت المنظمة على تنويع مصادر إنتاج المستحضرات الصيدلانية، لما لذلك من "قيمة خاصة لتوريد المكونات الصيدلانية النشطة". ونبهت إلى أن المنتجين في الدول المنخفضة الدخل، وأيضا صناعة المستحضرات الصيدلانية العالمية برمتها، يعتمدون اعتمادا مفرطا على موردين في عدد محدود جدا من الدول. وذكرت أن إنتاجا للمستحضرات الصيدلانية أكثر تنوعا يؤدي إلى زيادة الأمن الصحي العام.
وقالت "أونكتاد"، "يتعين علينا أن نتجنب سيناريو تتخلف فيه الدول الفقيرة عن الركب، وهذا يتطلب تحالفات صناعية جديدة، وتصنيعا موازيا من قبل شركات متعددة في مواقع متعددة، ونُهجا خلاقة للملكية الفكرية لضمان التوافر السريع للتقنيات الجديدة للإنتاج الكبير الحجم. ولتعزيز القدرة الإنتاجية في الدول المنخفضة الدخل، لا بد من الدخول في شراكات عالمية بين الحكومات والمنتجين المحليين وشركاء التنمية والمستثمرين الدوليين وأصحاب التقنية".
وأقرت المنظمة أنه ليس كل الدول المنخفضة الدخل على استعداد للدخول في هذا. لكن البعض نجح في إنشاء صناعة صيدلانية أو لقاحات محلية يمكن أن تمتثل لمعايير الجودة الدولية. وتدعم دول أخرى بنشاط تطوير صناعتها الصيدلانية المحلية لضمان أمن الصحة العامة. وقالت ينبغي أن تكون دول أخرى كثيرة قادرة على المشاركة في إنتاج معدات الوقاية الشخصية وهي حيوية بالقدر نفسه في المعركة ضد كوفيد - 19".
مع ذلك، أقرت "أونكتاد" أنه لا يمكن للمستثمرين والمنتجين المحليين وحدهم الوفاء بالمهمة الشاقة المتمثلة في تغيير أنماط الإنتاج بمفردهم، قائلة "عادة ما يواجهون خمسة اختناقات رئيسة".
الأول، نقص رأس المال والتقنية والمهارات، إذ إن الهدف الرئيس لأي إنتاج للمستحضرات الصيدلانية هو تلبية المتطلبات المتعلقة بسلامة الأدوية وجودتها وفعاليتها، ويتطلب ذلك القدرة التقنية والدراية الفنية التي لا توجد في معظم الدول المنخفضة الدخل وبعض الدول المتوسطة الدخل، وتحسين هذه القدرات، يتطلب رأسمال مقدما. وكثيرا ما تتردد المصارف التجارية في تقديم قروض للمشاريع الصيدلانية التي تعد محفوفة بالمخاطر إلى حد كبير.
الثاني، انخفاض الجودة والمعايير، فعديد من الدول المنخفضة الدخل، تفتقر فيها السلطات التنظيمية للأدوية إلى القدرة على التحقق من التزام الشركات بمعايير الجودة والممارسات التصنيعية الجيدة. وهذا يشكل عائقا رئيسا أمام الاستثمار المحتمل من جانب الشركات، التي تشعر بالقلق إزاء الميزة التنافسية غير العادلة من الشركات غير المتوافقة مع معايير الجودة التي يمكن أن تنتج بتكلفة أقل.
الثالث، ضعف أطر السياسات التمكينية، حيث إن التعاون مع المستثمرين الأجانب وأصحاب التقنية ضروري لضمان نقل التقنيات والدراية الفنية ذات الصلة. وقد تؤدي القواعد غير المواتية المتعلقة بالاستثمار والملكية الفكرية وتنظيم العقاقير إلى تثبيط الاستثمار الأجنبي. فالتعريفات والضرائب المفروضة على المكونات اللازمة للإنتاج المحلي تجعل التصنيع المحلي أقل جاذبية.
الرابع، الأسواق الصغيرة والطلب غير المستقر، فعديد من الدول المتعددة الأطراف لديها عدد قليل نسبيا من السكان وقوة شرائية ضعيفة. ووفورات الحجم عامل مهم في اجتذاب الاستثمار. لكن الدول كثيرا ما تفشل في الاتفاق على مواءمة شراء الأدوية، ما يفوت فرصة مهمة للجمع بين القوة الشرائية وتثبيت الطلب.
الخامس، ضعف البنية التحتية. غالبا ما يكون من الصعب قطع "الميل الأخير" إلى المريض، ولا سيما في الدول المنخفضة الدخل ذات البنية التحتية الضعيفة. ويكافح عديد من الدول المنخفضة الدخل تحديات الهياكل الأساسية، بما في ذلك انقطاع الكهرباء وانقطاع سلسلة التبريد.
ولمعالجة هذه الاختناقات، تقترح "أونكتاد" اتخاذ عشرة إجراءات رئيسة لإنشاء نظام للمشاريع الصحية الوطنية، أولها، الاستثمار في تنمية المهارات لضمان الإنتاج المتوافق مع الجودة والممارسات التصنيعية الجيدة، عن طريق اجتذاب نقل الدراية الفنية من المستثمرين الأجانب، والتعاقد مع استشاريين أجانب.
وثاني المعالجات، تقاسم التقنيات ذات الصلة بكوفيد - 19 لتمكين الإنتاج الضخم بأسعار معقولة، مصحوبا ببرامج نقل الدراية الفنية لضمان الاستفادة السريعة من جودة الإنتاج الكبير الحجم. يمكن أن تسهم مبادرات مختلفة، مثل "مجمع التكنولوجيا الطوعية" لمنظمة الصحة العالمية الذي أُعلن عنه عقب جائحة كوفيد - 19، و"مجمع براءات الأدوية" الذي تدعمه الأمم المتحدة، و"تحالف ابتكارات التأهب للأوبئة". وينبغي أن تكون نتائج أي بحث ذات صلة بفيروس كورونا ممولة من الحكومة وميسورة التكلفة للجميع، باعتبارها منفعة عامة عالمية، وينبغي التنازل عن حقوق الملكية الفكرية القائمة.
وثالث المعالجات، استهداف المستثمرين للحصول على رأس المال اللازم، حيث بلغت القيمة العالمية للاستثمار في نهاية 2018م 502 مليار دولار. الآن حان الوقت لضمان إتاحة هذا المورد المالي الهائل لمساعدة فقراء العالم على الحصول على العلاجات واللقاحات الأساسية لكوفيد - 19 بمجرد توافرها. يتم ذلك من خلال جملة أمور منها الإنتاج المحلي. فعلى سبيل المثال، أسهم مستثمرو الأصول السويديون أخيرا بمبلغ 319 مليون دولار من السندات الاجتماعية لمساعدة منتجي المعدات الطبية والمستحضرات الصيدلانية في الدول المنخفضة الدخل. ويمكن للمنظمات الحكومية الدولية، مثل "أونكتاد" ومنتدى الاستثمار العالمي، أن تؤدي دورا رئيسا في التأثير في المستثمرين لتيسير الاستثمارات في السندات الاجتماعية.
ورابع مقترحات "أونكتاد" لإنشاء نظام للمشاريع الصحية الوطنية، بناء شراكات لبدء مشاريع "المنارة" لقطف فاكهة منخفضة التدلي، إذ يمكن للمشاريع القصيرة الأجل الناجحة المتعلقة بالتقنيات البسيطة، ولا سيما في إنتاج مجموعات الاختبار ومعدات الوقاية الشخصية وأجهزة التنفس الصناعي، أن تكون قدوة حسنة لاجتذاب الاستثمار اللاحق في مشاريع أكثر طموحا مثل إنتاج العلاجات والتشخيص، واللقاحات قدر الإمكان.
خامسا، تحسين حوافز الاستثمار لزيادة استدامة الشركات المحلية، وتبني تدابير مختلفة، كالحوافز المالية أو الضريبية لإنتاج منتجات ذات صلة بمكافحة كوفيد - 19. وثمة حافز استثماري مهم جدا هو شراء الأدوية، التي يمكن تصميمها في سياق الصناعة الناشئة لتشمل تفضيل الأسعار للمنتجين المحليين. فإثيوبيا، على سبيل المثال، تسمح بهامش تفضيلي يصل إلى 25 في المائة للعطاءات المقدمة من المنتجين المحليين. ولتوفير بعض القدرة على التنبؤ، ينبغي ألا يتجاوز الشراء التفضيلي فترة زمنية من خمسة إلى عشرة أعوام، وأن يشمل المستثمرين الأجانب الذين يساعدون على الإنتاج المحلي. ويمكن أن تكون هناك التزامات شراء مسبقة من المنتج المحلي.
سادسا، لتحفيز الاستثمار في المنتجات الطبية المتعلقة بكوفيد - 19 وضمان التسليم السريع للمحتاجين، ينبغي استخدام أنظمة مبسطة لتيسير الاستثمار والحصول على موافقة تسويقية سريعة، وينبغي لهيئات الأدوية أن تستكشف سبل التتبع السريع للتطبيقات المتصلة بكوفيد - 19، بدعم من منظمة الصحة العالمية. وينبغي في المستقبل تجنب الإجراءات المتبعة في عديد من الدول منخفضة الدخل، حيث يحتاج المنتج إلى اتباع إجراءات تسجيل متعددة مع عدد كبير من الوكالات الوطنية المختلفة، ودفع رسوم تسجيل مختلفة متعددة. ينبغي تمكين الإجراءات الإلكترونية من التسجيل السهل والسريع للأنشطة التجارية.
وسابع المعالجات، الاستثمار في البنية التحتية، حيث ينبغي لحوافز الاستثمار التي تمولها الحكومات أن تعطي الأولوية لبناء الهياكل الأساسية لمشاريع الإنتاج المحلية، مثل ضمان إمدادات الكهرباء.
وثامن مقترحات "أونكتاد" لإنشاء نظام للمشاريع الصحية الوطنية، التأكيد على نهج التعاون الإقليمي لخفض التكاليف، إذ سيجعل ذلك التدابير المتخذة أكثر استدامة. وتنطوي المناطق الاقتصادية الإقليمية على مزايا محتملة لإنشاء سلاسل قيمة إقليمية لتمكين الاقتصادات الصغيرة في المنطقة من بناء القدرة الإنتاجية بشكل جماعي. وللدول مزايا نسبية مختلفة، يمكنها معا أن تشارك في سلسلة قيم تولد الإمدادات الطبية والأدوية التي تحتاج إليها لمكافحة الأوبئة الكبرى. وينبغي أن تهدف التجمعات الإقليمية إلى إلغاء التعريفات الجمركية والحواجز غير التعريفية، مع تعزيز شفافية التدابير غير التعريفية. وتتيح النُهج الإقليمية للشراء تجميع القوى الشرائية، كما أن التنظيم الإقليمي للأدوية يخفف إلى حد كبير من نفقات المنتجين والجهود المبذولة لتقديم وتجهيز طلبات متعددة للمنتج الصيدلاني نفسه.
تاسعا، التماس التمويل من المساعدة الإنمائية الرسمية لتسريع الاستجابة العالمية لكوفيد - 19. وينبغي للجهات المانحة أن تنظر في المساهمة التي يمكن أن يقدمها المنتجون المقيمون في الدول منخفضة الدخل في أمن الصحة العامة على الصعيد العالمي. وأشارت التصريحات التي أدلى بها قادة العالم في مؤتمر إعلان التبرعات في 4 أيار (مايو) إلى أنها ستتجه إلى نهج جديد: فقد أشار أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضرورة أن تكون نتائج البحث والتطوير المتعلقة بكوفيد - 19 بمنزلة منافع عامة عالمية، وشددت المستشارة الألمانية ميركل على الحاجة إلى اكتشاف مسارات جديدة نحو إنتاج اللقاحات. ومن الأمثلة على ذلك تعزيز القدرة الإنتاجية في الدول منخفضة الدخل.
عاشرا، ضمان استدامة الجهود على الرغم من وجود سوق لا يمكن التنبؤ بها ما يتعلق بوباء مثل كوفيد - 19، حيث لا يمكن للمستثمرين معرفة المدة التي سيشكل فيها الوباء تهديدا فعليا للمجتمعات. عديد من الدول فشل في ضمان التأهب للجائحة، حيث توقفت الأوبئة السابقة "الإيبولا والسارس" بسرعة إلى حد ما، وجعلت أي استثمار آخر غير مرغوب فيه. وهناك حاجة إلى تحالف دولي من الحكومات ومصارف التنمية والمستثمرين لمعالجة هذا الفشل في السوق، وتحديد الأدوار المستقبلية في حماية البشرية من الوباء المقبل.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من أخبار اقتصادية- عالمية