بجائحة .. أو بدونها

منذ بداية الجائحة والتعاون بين الحكومة والناس يسجل مستويات معقولة من التفاهم والتناغم، وإجمالا تبدو الاستجابة الشعبية للإجراءات مرتفعة، خصوصا من المواطنين، والمقيمين المتعلمين من أصحاب المهن والوظائف.

في بداية الجائحة تندر صديق ساخر بعمق وعلق، "معظم الإصابات عن طريق العدوى جاءت من عمالة جاهلة، أو (جاهلة) عملت حفلة إفطار أو غداء باذخة". على اعتبار العشاء دخل في كل فترات الحظر.

الفتح التدريجي للتجول والأسواق الذي بدأ للناس الأحد وللأسواق والمحال اليوم الأربعاء هو بمنزلة نقل جزئي أو سمه تدريجيا للمسؤولية، ليشارك فيها شريحة أكبر من الناس. الناس الذي أتوقع أنهم سيتبعون الإجراءات طالما أنهم متعلمون تنتفي عنهم جهالة البسطاء من العمالة، وأنهم "عاقلون" يستطيعون التفريق بين الحاجة والمصلحة وبين "التباهي".

كان مهما هذا التدرج أولا للسبب الاقتصادي الذي يشمل أصحاب الأعمال الكبيرة والصغيرة، ويشمل الموظفين والموظفات السعوديات، ويحرك بعضا من الحال الذي توقف، وهو أيضا مهم ليقضي صاحب الحاجة حاجته، وليجعل الناس تجرب نفسها، وتختبر قدراتها على تنفيذ الاشتراطات التي وضعت للتسوق والتجول في الفترات المحددة.

ينبغي أن نعترف أن بعضا من الاشتراطات الصحية والاحترازية والوقائية التي فرضتها هذه الجائحة هي ما يجب أن يكون عليه الحال في الحياة العامة والخاصة، فالانتظام في صفوف مع ترك مسافة مثلا هو تصرف حضاري صحي يساعد على انتهاء الجميع بسرعة، ويحقق الخصوصية ويمنع العدوى، أي عدوى، ليس بالضرورة أن تكون "كوفيد - 19" حمى الله الجميع منه.

أن تكون المحال معقمة، وأيدي الناس نظيفة، وأن يحرصوا على نظافة ما يدخل بيوتهم، وجوفهم أكثر، كل هذه أشياء يفترض أنها نمط حياة من غير أزمة ولا فرض من الحكومة، وعلى ذلك يمكن القياس وسنجد أن الأمر ليس تشددا في الاحتراز بقدر ما هو استعادة ما يجب أن يكون من حالنا وأمرنا.

إن تعاطينا مع ضرورات الصحة العامة كان ضعيفا، وهو ضعف لا يتحمله الأفراد وحدهم، فالمنظومات - كما اكتشف أغلب دول العالم - ضعيفة أو مشوهة، وهذا ما يجب أن ينتبه إليه الفرد ومن قبله الحكومات، فكل تقدم نحرزه على هذا المستوى، مستوى الصحة العامة، يعني فتحا أكثر للأنشطة والتجول، واقتراب من الحياة التي يجب أن تكون طبيعية، وأقول يجب لأن "الطبيعية" هنا هي الالتزام بالصحة العامة، التوعية بها، وتطبيقها، بجائحة أو بدونها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي