الجائحة تعيد تشكيل سوق المزادات الفنية .. الرهان على مبيعات الإنترنت

الجائحة تعيد تشكيل سوق المزادات الفنية .. الرهان على مبيعات الإنترنت
التكنولوجيا باتت الوسيلة الوحيدة لتنظيم المزادات في تلك اللحظات الحاسمة.

مع إغلاق قاعات البيع ووجود الموظفين في الحجر، اضطرت دور المزادات العلنية إلى تسريع مبيعاتها عبر الإنترنت من أجل الاستمرار في سوق الأعمال الفنية التي تقاوم أزمة (كوفيد-19).
وأغلقت دار "سوذبيز" العريقة، التي تتخذ في لندن مقرا لها، مكاتبها في لندن وهونج كونج ودبي وجنيف وميلانو وباريس ونيويورك، ما أدى إلى تأجيل مزاداتها، التي كان من المفترض تنظيمها في مايو.
في الوقت نفسه، قالت منافستها الرئيسة "كريستيز" إنها "تعمل بسرعة" لإعادة جدولة المزادات المؤجلة، وأوضح جايلز بيبيات مدير الفن الإفريقي الحديث والمعاصر في دار "بونهامز" للمزادات ومقرها لندن "إنه تهديد لنا جميعا لكنني أعتقد أننا سنتجاوزه.. من حسن الحظ أن هناك مزادات إلكترونية".
وبحسب "الفرنسية"، فإنه بما أن دور المزادات العلنية لم تعد قادرة على تنظيم نشاطاتها على أرض الواقع، سرع الوباء الانتقال إلى المبيعات عبر الإنترنت.
وأضاف بيبيات "عندما بدأت المبيعات عبر الإنترنت، اعتقد جميع المزايدين أنها ستقضي على المزادات الحية. لكن من المدهش أن أكثر ما كنا نخشاه في ذلك الوقت، سيصبح المنقذ".
وذكرت جاين زاتورسكي رئيسة "كريستيز أمريكا" في مؤتمر صحافي عبر الهاتف إن الشركة تصدت للوضع عبر تسريع عملية إعادة برمجة منصتها للبيع عبر الإنترنت باستخدام التكنولوجيا الخاصة بها التي طورتها خلال العقد الماضي، وأوضحت "إن سوق الفن وزبائننا جاهزان ويرغبان في هذا النوع من التعامل الرقمي".
ويرى خبراء أن تفشي الوباء يطرح تحديات مختلفة لدور المزادات بأحجامها المختلفة ولقطاعات عدة من السوق، وتعتقد كلير مكاندرو الرئيسة التنفيذية لـ"آرتس إيكونوميكس"أن "دور المزادات الصغيرة ستكافح بجد للبقاء خلال هذه المرحلة لأنها لا تملك السيولة اللازمة لتجاوزها".
لكن بيرس نونان رئيس دار "ديكس نونان ويب" للمزادات في لندن ومديرها التنفيذي قال إن الشركات الصغيرة قد تزدهر إذا عملت بذكاء، وأضاف "أولا ستكون التكنولوجيا هي الوسيلة الوحيدة لتنظيم المزادات"، معتبرا أنها "لحظة حاسمة".
وتخطط داره المتخصصة في المقتنيات الصغيرة مثل الساعات والمجوهرات، لتنظيم عملية بيع مباشرة عبر الإنترنت الأسبوع المقبل، مع إدارة المزاد من المنزل، إذا لزم الأمر، وسيخصص جزء من العائدات لخدمة الصحة الوطنية (إن إتش إس) في بريطانيا.
وتابع "هناك حركة كبيرة على موقعنا الإلكتروني"، موضحا أن الناس محصورون في منازلهم مع القليل من النشاطات لإنفاق أموالهم.
وقد يصبح امتلاك أصول ملموسة أكثر جاذبية مع انهيار خيارات الاستثمار الأخرى، ونوهت خبيرة الاقتصاد الفني كاثرين براون من جامعة لوبورو البريطانية إلى أن "الحقيقة المحزنة هي أن الفن ينجو من الكوارث. استمر الناس في شراء الأعمال الفنية خلال الحرب العالمية الأولى. يمكنكم إلقاء نظرة على المراسلات بين الشاعر الفرنسي جيوم أبولينير، الذي كتبها من الخنادق إلى تاجر في باريس وإخباره بالأعمال التي يجب شراؤها".
ويرى جوسي بيلكانين رئيس "كريستيز" أن الدار لم تشهد "انخفاضا في شهية المشترين"، وشرحت مكاندرو أنه قد تكون هناك مشكلة أكبر تكمن في العرض، معتبرة أن "المشكلة هي أن الناس قد يعدون هذه الفترة وقتا غير مناسب للبيع".
لذلك، فإن الباحثين عن شراء أعمال لبيكاسو بأسعار مخفضة يمكن أن يصابوا بخيبة أمل، ويبدو أن هذا ما يراه مارك بورتر رئيس دار "كريستيز" في الولايات المتحدة أيضا الذي أوضح "لم نر بعد أشخاصا يحتاجون إلى زيادة أموالهم بشكل فوري" من خلال عرض مقتنيات قمية.
يعتقد بيبيات أن تفشي الوباء قد يصيب أجزاء مختلفة من السوق بشكل أكثر حدة.
وقال مشيرا إلى السوق المعاصرة السائدة "إنها المجالات، التي تكون فيها أموال السوق أكثر سخونة بمعنى أن هناك مضاربات أكثر، وقد تكون أكثر عرضة" لتلقي الضربات خلال هذه الأزمة.
وقد تتحول المزادات الحية إلى آسيا، التي خففت من صرامة تدابير الإغلاق، وبدأت تعود إلى طبيعتها تدريجيا، وأضاف: "طالما أنه يتم إعلام جميع الأشخاص المناسبين ويتمكن جميع الأشخاص الصحيحين من رؤية الأعمال، يفترض أن تحقق هذه الأعمال السعر نفسه".
ورغم تحول الأعمال التجارية إلى الإنترنت وإنشاء معارض افتراضية، سيبقى هناك دور حاسم للمزادات الحية بعد انتهاء الأزمة، وقال بيبيات "ليس هناك شك في أنه مع المزاد المباشر، يميل المشترون إلى المزايدة بحرية أكبر لأنهم يكونون في قلب الحدث".
وأضاف "أعتقد أنه بالنسبة للأعمال الفنية الكبرى، نتحدث عن تلك التي يتجاوز سعرها 100 ألف جنيه استرليني (120 ألف دولار)، يرغب الناس في محاولة الوقوف أمام الصورة بأنفسهم".

الأكثر قراءة