Author

طاقة ميسورة التكلفة ضرورية لتعافي الاقتصاد العالمي

|
في الوقت الذي أعلنت "أوبك" وروسيا ومنتجون آخرون في إطار ما يسمى تحالف "أوبك+" اتفاقا لخفض الإنتاج بنحو 9.7 مليون برميل يوميا في الشهرين المقبلين، قالت السعودية، إن ضمان إمدادات طاقة ميسورة التكلفة ضروري لتسهيل تعافي الاقتصاد العالمي من حالات الركود، التي تسبب فيها تفشي فيروس كورونا.

وقال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي في كلمة لدى افتتاح الاجتماع عن بعد لوزراء الطاقة لمجموعة العشرين، "إن إمدادات الطاقة الموثوقة وميسورة التكلفة، التي يسهل الوصول إليها، ضرورية لتمكين الخدمات الأساسية، بما في ذلك خدمات الرعاية الصحية، لضمان قدرتنا على دفع جهود التعافي الاقتصادي". وعقد الاجتماع يوم الجمعة الماضي عبر الفيديو، وتطرق لإجراءات تضمن استقرار أسواق الطاقة، حيث أتى الاجتماع بدعوة من السعودية، التي ترأس مجموعة العشرين هذا العام. وتعهد وزراء الطاقة في مجموعة العشرين، بالعمل جنبا إلى جنب مع الدول المدعوة ومنظمات إقليمية ودولية، للتخفيف من تأثير تفشي وباء كورونا في أسواق الطاقة. حيث ناقش وزراء الطاقة السبل الممكنة للمساهمة في اتفاق عالمي لخفض إنتاج النفط وناقش تطورات أسواق الطاقة بينما يكافح العالم جائحة فيروس كورونا.

ضغطت كبريات الدول النفطية في العالم لوضع اللمسات الأخيرة على اتفاق بشأن تخفيضات النفط الشاملة في محادثات يوم الجمعة لرفع الأسعار، التي تعثرت، بسبب أزمة تفشي فيروس كورونا مع قيام روسيا والسعودية بخطوات كبيرة، وأظهرت الولايات المتحدة استعدادا غير مسبوق للمساعدة في هذا الجانب.

أتى هذا الاجتماع بعد يوم واحد من الاجتماع الوزاري الاستثنائي التاسع للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة، الذي توصل فيه تحالف "أوبك+" إلى اتفاق مبدئي لخفض الإنتاج بشكل جماعي بمقدار عشرة ملايين برميل في اليوم، كما أنها تبحث مبدئيا عن خفض جماعي آخر يبلغ خمسة ملايين برميل في اليوم من المنتجين خارج تحالف "أوبك+"، بصورة رئيسة من الولايات المتحدة، كندا، البرازيل والنرويج.

وأوضح بيان صدر عن منظمة أوبك عقب الاجتماع تفاصيل التخفيضات لكنه أشار إلى الإجراءات، التي اتفق عليها جميع الدول الأعضاء في منظمة أوبك وشركائها منتجي النفط المشاركين في إعلان التعاون، باستثناء المكسيك، ونتيجة لذلك، الاتفاق مشروط بموافقة المكسيك.

يبدو أن تحالف "أوبك+" يريد من المكسيك أن تخفض إنتاجها بمقدار 400 ألف برميل يوميا، لكن المكسيك وافقت فقط على خفض 100 ألف برميل يوميا للشهرين المقبلين. واستخدم وزير الطاقة السعودي خطابه إلى وزراء الطاقة لمجموعة العشرين لحث جميع أعضاء مجموعة العشرين، بما في ذلك المكسيك والدول المدعوة الأخرى، على اتخاذ تدابير مناسبة وغير عادية لتحقيق الاستقرار في أسواق النفط بناء على مبادئ الإنصاف، المساواة، الشفافية والشمولية.

على خلفية هذه التطورات، عقد الاجتماع الوزاري الاستثنائي العاشر للدول الأعضاء في منظمة أوبك والدول المنتجة للنفط من خارج المنظمة، الذي أقر خفض الإنتاج بشكل جماعي بمقدار 9.7 مليون برميل في اليوم في الشهرين المقبلين. وفي مقابلة مع قناة CNBC قال الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة السعودي، إن التخفيضات الفعلية لإمدادات النفط العالمية ستبلغ نحو 19.5 مليون برميل يوميا مع الأخذ في الحسبان اتفاق الخفض الذي أبرمته "أوبك+"، وتعهدات من دول أخرى في مجموعة العشرين ومشتريات النفط المخصصة للاحتياطيات. وأضاف الأمير عبدالعزيز، أن دول مجموعة العشرين من خارج تحالف "أوبك+" تعهدت بخفض إمدادات النفط بنحو 3.7 مليون برميل يوميا، بينما من المتوقع أن تبلغ مشتريات الخام المخصصة للاحتياطيات (الاحتياطيات البترولية الاستراتيجية) 200 مليون برميل خلال الشهرين المقبلين.

من جانبها، أشارت الولايات المتحدة إلى أن إنتاجها النفطي سينخفض على أي حال لأن شركات النفط تخفض الإنفاق وعمليات الحفر مع تراجع أسعار النفط الأمريكي قرب 20 دولار للبرميل. في هذا الصدد، قالت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، إن إنتاج النفط في الولايات المتحدة يمكن أن ينخفض بنحو 0.5 مليون برميل في اليوم هذا العام، وبنحو 0.7 مليون برميل في اليوم عام 2021. وهذا الرقم يمثل متوسط انخفاض سنوي، يحجب انخفاضا قدره 1.75 مليون برميل في اليوم بين آذار (مارس) وتشرين أول (أكتوبر) 2020. استشهدت وزارة الطاقة الأمريكية بهذه البيانات كمبرر لسبب عدم احتياج الولايات المتحدة إلى خفض الإنتاج من أجل المشاركة في اتفاقية تحالف "أوبك+". وقالت وزارة الطاقة الأمريكية، إن تقرير إدارة معلومات الطاقة اليوم يوضح أن هناك بالفعل تخفيضات متوقعة تبلغ مليوني برميل في اليوم، دون أي تدخل من الحكومة الفيدرالية. يرى البعض أن هذا الرقم يعد متفائلا. حيث إن شركات النفط الأمريكية قد تخفض الإنفاق بمقدار 25 مليار دولار بين 2019 و2020، وفقا لتقديرات حديثة صدرت عن IHS Markit، ويمكن أن يترجم ذلك إلى انخفاض في الإنتاج قدره 2.9 مليون برميل في اليوم بنهاية العام مقارنة بالربع الأول.

وفي اجتماع وزراء الطاقة لمجموعة العشرين، قال دان برويليت وزير الطاقة الأمريكي، إن على جميع الدول التفكير في الكيفية التي يمكن أن تسهم بها في الحد من اختلال التوازن في أسواق النفط. وأضاف في تصريحات معدة لمجموعة العشرين، كما نقلت "رويترز"، "ندعو جميع الدول إلى استخدام كل الوسائل المتاحة لها للمساعدة على تقليل الفائض".

قبل الاجتماع، قال فاتح بيرول المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، إنه يأمل أن يعيد اجتماع مجموعة العشرين الاستقرار لأسعار النفط، إذ تتضرر أسعار الخام بشدة من أزمة فيروس كورونا وخلافات بين دول منتجة للنفط. وأضاف يحدوني الأمل أن الاجتماع سيعيد بعض الاستقرار الضروري جدا إلى أسواق النفط. حيث إن أزمة النفط تمثل صدمة شاملة تهدد الاقتصاد والاستقرار المالي العالمي وتتطلب حلا عالميا. وأكد المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، أن السعودية تقوم بعمل كبير لتحقيق استقرار الأسواق، وهذا ما تفعله منذ أعوام. "استجابة السعودية، التي تتولى رئاسة مجموعة العشرين لاقتراح الوكالة عقد اجتماع استثنائي للمجموعة مهمة، ومن المشجع رؤية دول تمثل ما يزيد على 70 في المائة من إنتاج النفط العالمي و80 في المائة من الاستهلاك تجتمع معا لإجراء حوار بناء".

من جانبهم، قال وزراء الطاقة في مجموعة العشرين، "إنهم سيواصلون العمل بشكل وثيق مع الجهات الفاعلة في جميع أنحاء القطاع لجعل أنظمة الطاقة لدينا أكثر تكيفا ومرونة في الاستجابة لحالات الطوارئ المستقبلية". وقد أنشأوا لهذا الغرض فريق مراقبة قصير المدى، يضطلع بمهمة مراقبة تدابير الاستجابة. فريق المراقبة هذا مفتوح لجميع الأطراف في مجموعة العشرين، على أساس طوعي. وخلال رئاسة السعودية لمجموعة العشرين سيقدم الفريق تقارير تقييم منتظمة إلى وزراء الطاقة لـ"المجموعة" وبالتعاون مع المنظمات الدولية ذات الصلة.
إنشرها