Author

وباء الشائعات

|

جاء متحدث وألقى محاضرة طويلة أكد فيها أن «كوفيد - 19» نشأ بسبب موجات 5G، ثم دخل في تحليل العلاقة بين مدينة ووهان والتطور الكبير في الاتصالات، وأنها أكبر مدينة في العالم تعتمد على تقنية 5G، وحاز في نهاية محاضرته تصفيق الحاضرين.
لم يكد المقطع ينتهي حتى تقدم مواطن عربي يعيش في دولة أوروبية ليعرض نظريته الخاصة التي تربط الخلاف الكبير بين الصين والولايات المتحدة حول السيطرة على أسواق العالم، وأن أمريكا أرسلت 67 جنديا تعرضوا لغاز السارين لحضور عرض عسكري في ووهان في شباط (فبراير) لينشروا المرض هناك، ثم تبرأت الحكومة الأمريكية منهم باعتبار أن وفاتهم كانت بسبب «كوفيد - 19» الذي أسموه "الكورونا الصيني". نسي الأخ العربي أن أولى الإصابات كانت في تشرين الثاني (نوفمبر) 2019 وليس شباط (فبراير)، كما ذكر.
ثم جاءت نظرية المؤامرة التي تربط أسماء عائلات غربية بكل مصائب العالم، وبعدها نظرية التخلص من كبار السن باعتبار أنهم يحصلون على أفضل الخدمات دون أن يقدموا مقابلا لها، وتستمر الشائعات في الانطلاق من هنا وهناك، لكن الأكيد هو أن هذا الفيروس لم يعترف بأي نظرية وإنما استمر في الانطلاق ليحبط النظرية بعد الأخرى ويسمح لمزيد من التأويلات والتفسيرات التي يطلقها الناس بسبب سيطرة التفكير في هذا الفيروس على عقولهم وحركتهم وتعاملاتهم.
كثير من متبني الشائعات لم يراعوا أن هناك سننا في الكون، ومنها هذه الأوبئة التي تمر على الناس في كل زمان، وأن قدرة الإنسان مهما عظمت فليست بحجم الخروج على سنن الخالق سبحانه. من هذا أن العودة للتاريخ القديم والحديث تذكرنا بضعف الإنسان وقلة حيلته أمام قدرة الخالق، ومن ذلك قوله تعالى «حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلا أو نهارا فجعلناها حصيدا كأن لم تغن بالأمس».
هنا يتأكد أن الإنسان مهما علا في الأرض ومهما كانت قدرته على التغيير، فليس بخارج على أمر الله، وهو يذكر كل الناس بأهمية الإيمان بقدرة الخالق وضعف المخلوق، وهنا شاهدنا كثيرا من المقاطع التي تصور عودة كثير ممن كانوا يشكون في المفاهيم الأساس لله فصلوا في الكنائس والمساجد والمعابد طالبين الرحمة، وهو ما يجب أن نتذكره كلما شاهدنا مزيدا من التنافس البشري للسيطرة على كل ما حولنا.

إنشرها