حكماء الاقتصاد في ألمانيا: لا بديل عن الإغلاق في مواجهة الجائحة .. الركود قادم

حكماء الاقتصاد في ألمانيا: لا بديل عن الإغلاق في مواجهة الجائحة .. الركود قادم
هناك شركات تتصرف على نحو مفعم بالمسؤولية تجاه عامليها.

يرى "حكماء الاقتصاد" في ألمانيا أنه لا بديل عن تقييد الحياة العامة والنشاط الاقتصادي على نحو موسع لمكافحة جائحة كورونا المستجد.
وقال لارس فيلد رئيس مجلس حكماء الاقتصاد، أمس "إنه لا يجوز وضع الاقتصاد والصحة الآن في مقارنة"، وأضاف "فطنة الفرد تمثل أهمية كبيرة في هذا الموقف".
ووفقا لـ"الألمانية" يؤكد "الحكماء" أنه لا مفر من أن تشهد البلاد ركودا اقتصاديا كبيرا بسبب العواقب الفادحة للأزمة.
وجاء في تقييم خاص لمجلس "حكماء الاقتصاد" بشأن التطورات الاقتصادية في البلاد، الذي نشر أمس، أن الاقتصاد الألماني سيتقلص بوضوح في عام 2020.
وأشار "الحكماء" إلى أنه من الصعب الآن تحديد مدى فداحة الوضع على نحو دقيق بسبب الشكوك الكبيرة في الأوساط الاقتصادية حاليا.
وكتب "الحكماء" في تقريرهم "الأمر الحاسم بالنسبة إلى التطور الاقتصادي هو إذا ما كان بالإمكان مكافحة انتشار الفيروس على نحو فعال، حتى يمكن إلغاء القيود المختلفة المفروضة على الأنشطة الاجتماعية والاقتصادية بسرعة".
ووضع مجلس الحكماء - الذي يقدم النصح للحكومة الألمانية بشأن المجال الاقتصادي - ثلاثة سيناريوهات محتملة لتداعيات الأزمة. وجاء في التقرير "في السيناريوهات الثلاثة ينهي انتشار فيروس كورونا على نحو مفاجئ التعافي الاقتصادي الملحوظ، بحيث يصبح من غير الممكن تجنب ركود في النصف الأول من هذا العام في ألمانيا".
ويرى "الحكماء" أن السيناريو الأكثر ترجيحا هو أن يعود الوضع الاقتصادي إلى طبيعته خلال الصيف - الذي يمتد من حزيران (يونيو) حتى أيلول (سبتمبر) في أوروبا - حتى يصل الناتج المحلي الإجمالي لألمانيا إلى الانخفاض بنسبة 2.8 في المائة هذا العام.
وبالمقارنة، انكمش أكبر اقتصاد في أوروبا خلال الأزمة المالية العالمية عام 2009 بنسبة 5.7 في المائة.
ويذهب السيناريوهان المتشائمان الآخران للمجلس إلى حدوث ركود أعمق خلال هذا العام، ربما يتبعه انتعاش بطيء للغاية. ويمكن أن يحدث هذا إذا استمرت القيود المفروضة من أجل مكافحة الجائحة مستمرة لما بعد الصيف، ولم يتعاف الاقتصاد إلا في العام المقبل.
وذكر المجلس أن "السيناريو عالي الخطورة يفترض عدم اتخاذ إجراءات سياسية كافية لمنع حدوث ضرر بعيد المدى للاقتصاد"، ما يؤدى إلى انكماش بنسبة 4.5 في المائة في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام ونمو بنسبة 1 في المائة فقط العام المقبل.
الى ذلك، أعرب الاتحاد الألماني لصناعة السيارات عن قلقه إزاء فرص العمل في القطاع على خلفية التداعيات الاقتصادية لأزمة جائحة كورونا المستجد.
وبحسب "الألمانية"، قالت هيلجارد مولر رئيسة القطاع، في تصريحات لشبكة "أيه آر دي" الإعلامية أمس، "يساورنا قلق إزاء فرص العمل والمستقبل"، مشيرة إلى أنها ترى حاليا شركات تتصرف على نحو مفعم بالمسؤولية تجاه عامليها.
وذكرت مولر أن الشركات تستنفد أدواتها بالكامل للحفاظ على عمالتها.
ورفضت مولر التنبؤ بمستقبل القطاع، مضيفة، "لا نريد حاليا المشاركة في تكهنات عن مدى ارتفاع الركود المحتمل".
وأشارت مولر إلى أنه من السليم الاستعداد للمستقبل بسيناريوهات مختلفة، موضحة في المقابل أن نشر تكهنات مربكة لن يساعد على شيء.
وفي ظل تسجيل عشرات الآلاف من الإصابات بفيروس كورونا المستجد وتوقعات باستمرار ارتفاع عدد الحالات، تسعى الحكومة الألمانية إلى الحد من الجدل حول تخفيف إجراءات مكافحة الجائحة.
واتهم أولاف شولتس وزير المالية الألماني مثيري هذا الجدل بالاستهزاء، وقال لشبكة "إيه آر دي" الألمانية الإعلامية "هذه الإجراءات من أجل إنقاذ الأرواح، لذلك أرى أنه من الاستهزاء أن يبدأ البعض الآن الحديث عن ضرورة إرجاء القضايا الصحية وإعطاء الأولوية للقضايا الاقتصادية".
وكتب بيتر ألتماير وزير الاقتصاد الألماني على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، "المطالب العامة بتخفيف الإجراءات سابقة لأوانها، ولذلك فإنها غير سديدة، طالما أننا لم نصل بعد إلى إبطاء واضح في عدد الإصابات الجديدة".
من جانبه، أشار هيلجه براون رئيس ديوان المستشارية، في تصريحات للقناة الثانية في التلفزيون الألماني "زد دي إف" إلى أن بعض الولايات حددت إجراءات مكافحة كورونا حتى 20 نيسان (أبريل)، موضحا أن الحكومة الاتحادية ستجري مشاورات مع رؤساء حكومات الولايات غدا في هذا الشأن.
وذكر براون أن استمرار الحد من الاختلاط الاجتماعي متعلق بمدى قدرة استيعاب النظام الصحي، مشيرا إلى أن "المعيار الأساسي" في ذلك هو توفير رعاية سريرية في المستشفيات لكل من يحتاج إليها.
وشدد براون على ضرورة إبطاء تضاعف عدد الإصابات الجديدة من كل ستة أيام حاليا إلى كل عشرة أيام أو أكثر.
من جانبه، قال بيتر تشينتشر رئيس حكومة ولاية هامبورج الألمانية، في تصريحات لـ"إيه آر دي"، "آثار هذه الإجراءات ستظهر متأخرة، لذلك يتعين ضبط النفس الآن".

الأكثر قراءة