خليك في البيت

حين بدأ وباء كورونا اجتياح جميع دول العالم بلا استثناء، أصبح لزاما على الحكومات أن تتخذ عددا من الإجراءات الاحترازية، التي تسهم في تقليص ضحاياه، أو تبطئ من انتشاره إلى حين اكتشاف لقاح مناسب يقضي عليه، فكان من ضمن هذه الإجراءات فرض منع التجول للحد من انتقال الفيروس، خوفا من اختلاط المصابين به مع الأصحاء، وإلزام الناس بالحجر المنزلي الذي يجبرهم على المكوث في منازلهم!

المثير للدهشة أن البعض أثناء الحجر المنزلي يشعر كأنه يساق إلى حتفه وليس إلى منزله، رغم أن الأصل في الظروف العادية مكوث الناس في منازلهم أطول فترة ممكنة. هذا التضجر الذي يشعر به الناس في مختلف دول العالم يدفعنا إلى التساؤل، هل روح العصر التي نعيشها قلبت موازين الأسرة وقيمها الأصيلة، حيث إنها أصبحت قيدا ثقيلا على البعض؟ لماذا يتلهف الجيل الجديد على حياة المولات والكافيهات والاستراحات والمطاعم والبقاء خارجا مع الأصحاب وتفضيل ذلك على البقاء في المنزل مع الوالدين والإخوة؟ هل هناك خلل يمارسه الأهل في الاحتواء والاستماع والتقبل للأبناء ويجدون ذلك كله في صحبة الأصدقاء، أم أن الأهل والأبناء لا يرغبون في المشكلات والصدامات من باب "كل واحد فيه اللي مكفيه"، ولذلك يفضلون البقاء بعيدا عن بعضهم بعضا للحفاظ على شعرة معاوية أن تنقطع بينهم؟
- كثير من المتفائلين عدوا وباء كورونا هدية من الله وفرصة لن تتكرر ليعيدوا مراجعة حساباتهم من جديد وترميم علاقاتهم الزوجية وعلاقاتهم مع الأبناء، والشعور بالانتماء للأسرة ودفء اللمة وحميمية القرب، والتعرف على بعضهم بعضا بشكل أعمق.
- كورونا هدية من الله، لأننا أدركنا نحن المواطنين السعوديين أن أهميتنا تأتي رقم واحد بالنسبة إلى ولاة أمرنا قبل الاقتصاد، ولذلك سبقت الإجراءات الاحترازية التي قامت بها حكومتنا كثيرا من الدول الغربية، التي جعلت الاقتصاد في المرتبة الأولى قبل الإنسان، فتأخرت كثيرا في الإجراءات الاحترازية، ما أسهم في تحول كورونا في دولهم إلى وباء كارثي حصد أرواح الآلاف وما زال.
وخزة:
كورونا هدية من الله، سيجعلك تدرك كم من النعم تتقلب فيها ولا أحقية لك مطلقا في التبرم والتضجر، فثلاجتك قريبة منك وهاتفك تحت تصرفك وأبناؤك حولك وجدران منزلك تحميك وراتبك "ماشي"، رغم الإجازة، ودولتك جعلت لك الأولوية قبل اقتصادها!
لذلك، كن على قدر المسؤولية "واقضب أرضك وخليك في البيت".           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي