Author

نفايات «كورونا» .. الوقاية والعلاج

|

تأتي المصائب من جراء انتشار وباء «كورونا» من كل الاتجاهات، فالاقتصادات التي بدأت تتلقى حزم الإنقاذ أو الدعم، تواجه مصيبة جديدة نتيجة هذا الوباء الخطير والسريع بانتشاره وأضراره. وهذه المصيبة ببساطة تكمن في إدارة نفايات الوباء. حيث تعتقد الأمم المتحدة، أنها ستكون مدمرة للاقتصاد العالمي إذا ما تم التأخر عن مواجهتها. والنفايات الطبيعية التقليدية المعروفة هي في حد ذاتها تمثل تحديا كبيرا لكل الدول، فكيف الحال بالنفايات الناجمة عن المعدات والأدوات والأشياء المرتبطة بحملات الوقاية والعلاج من «كورونا» المستجد؟ هذه النفايات الجديدة تشمل الطبية والمنزلية، والخطرة التي لم يكن لها وجود قبل انفجار هذا الوباء القاتل. وارتفع حجمها بالطبع، مع تفشي الوباء المشار إليه، ووصوله إلى ساحات جديدة في هذا البلد أو ذاك، وهذه المنطقة أو تلك.


والتحذير الأممي المذكور يأتي من أجل التقليل إلى أدنى حد من الآثار الثانوية المحتملة في الصحة والبيئة والاقتصاد. ولأن الكارثة غير مسبوقة، ولأن أدوات مكافحتها أو الحد من انتشارها وصلت إلى كميات هائلة بأشكال مختلفة، مثل الأقنعة والقفازات وغيرها من معدات الحماية، فإن ناتجها من النفايات كبير جدا، ولا يمكن معالجته على طريقة معالجة النفايات المنزلية التقليدية، خصوصا أنها تهدد ميادين غير مصابة أصلا بالفيروس القاتل. وهذا ما دفع المؤسسات العالمية المعنية، مثل منظمة الصحة العالمية، وإدارة الأمم المتحدة، والمختصة بمعالجة النفايات بأنواعها، إلى تقريب موعد اجتماعها الدوري المقبل خمسة أسابيع. فالمسألة خطيرة، ولا تحتمل التأجيل؛ بل المطلوب من الحكومات حول العالم التدخل الفوري لعلاجها، والمشاركة في الجهود الدولية في هذا الخصوص.


ويرى المختصون الأمميون، أن النفايات الناجمة عن مواجهة «كورونا»، لا بد أن تأخذ الأولوية الآن، وإلا فقد العالم السيطرة عليها. خصوصا أن بعضها يحتوي على بعض المواد الكيماوية، وغير ذلك من مواد التصنيع المختلفة. يضاف إلى ذلك، أن الأمر يتطلب ميزانيات جديدة لعلاجه، وهذه التكاليف ستزيد من حجم الأعباء على كاهل كل الاقتصادات العالمية دون استثناء. مع الإشارة إلى أن الحديث بدأ يستحوذ على الساحة العالمية، حول الركود شبه المؤكد الذي سيصاب به الاقتصاد العالمي من جراء الوباء الرهيب. لكن، مهما يكن من أمر، فالنفايات الناتجة من مواجهة «كورونا» أو الوقاية منها، ستترك آثارا خطيرة للغاية؛ ليس على الاقتصادات فحسب، بل على الصحة العامة، إلا إذا وضعت هذه المسألة ضمن الأولويات الراهنة دوليا.


بالطبع هناك كثير من الخطوات التي بدأت بالفعل في هذا الاتجاه، بما في ذلك سلسلة من الاجتماعات المحورية ذات الاختصاصات، فضلا عن الجهات المختصة بالبيئة. فهذه الأخيرة تعاني سلبيات كثيرة؛ بل خطيرة، ولا يمكن أن تتحمل ضربات أخرى جديدة على المديين المتوسط والبعيد. وثبت بالفعل أن الإدارة غير السليمة لهذه النفايات الجديدة، ستتسبب في آثار مدمرة على البيئة وصحة الإنسان. وعلى هذا الأساس، تؤكد الأمم المتحدة أن "المناولة الآمنة لهذه النفايات، والتخلص النهائي منها، عنصر حيوي في الاستجابة الفاعلة لحالات الطوارئ".

من هنا، يمكن فهم المخاوف الكبيرة؛ ليس فقط من تجاهل هذه المسألة الحيوية، بل من الأخطاء في علاجها؛ ما يدفع العالم إلى مزيد من التعاون وتبادل الخبرات، وطرح المبادرات للسيطرة على مجال لم يكن في الحسبان أصلا قبل ظهور وانتشار وباء «كورونا» المستجد.

إنشرها