عالم الأعمال وعملاء كرة القدم «2 من 2»

 تشير نتائجنا بشكل عام، وبغض النظر عن السلوك المندفع والعدواني، الذي يظهره اللاعبون في الملعب إلى أن نجوم كرة القدم يظلون لاعبين محترفين. ويعني ذلك أنهم سيتخذون خيارا عقلانيا لكسر القواعد إن كان ذلك يصب في مصلحتهم. في النهاية يبقى اللاعب مجرد إنسان مثلنا، وقد لا يتخذ أفضل القرارات عندما يوجد احتمال للخسارة.  بناء على ذلك، تهدف القواعد بخصوص الأخطاء، إلى حماية اللاعبين من الناحية الجسدية، وتفقد قوتها عندما تكون المنفعة من كسر القواعد تفوق العقاب المترتب عليها، أو عندما تطغى الغريزة التنافسية على التفكير العقلاني.

اشتبهنا بأنه على غرار الأخطاء، فإن إضاعة الوقت في كرة القدم ليست أمرا عشوائيا. ولاختبار فرضيتنا وضعنا مقياسا لقيمة كل دقيقة في المباراة يعكس المقدار الذي بإمكانه أن يربحه أو يخسره كل فريق من اغتنام تلك اللحظة. بالنسبة لفريق نخبة متخلف بفارق نقطة ستكون القيمة سلبية، قد يرغبون في إعادة اللعب بأقرب وقت لتعزيز فرصهم في التسديد والربح. وستكون هناك قيمة إيجابية مماثلة عند الفريق الأضعف في إهدار تلك اللحظة أو بضع ثوان منها من أجل التشبث بالفوز.
تتماشى تقديرات قيمة الدقيقة لدينا بدقة إلى حد كبير مع مقدار الوقت الفعلي لتبديل اللاعبين، والضربات الحرة، والركلات الركنية ... وغيرها. بالمتوسط  تتوافق قيمة الدقيقة في أحد معايير القياس مع ما يقارب ثانيتين تأخير بتنفيذ ضربة المرمى، فالتوقف ربما يكون قصيرا كي يعاقب الحكم عليه، لكنه طويل بما يكفي لتتم ملاحظته. أما المماطلة الأطول فارتبطت بالأوقات التي بإمكان اللاعبين فيها الاستفادة من ثوان إضافية بسهولة، مثل الركلات الحرة بعد الخطأ التي قد تطول عند إظهار صعوبة بالمشي أو بطء في النهوض عن الأرض.
عند الأخذ في الحسبان مسألة الاقتران بالفريق، فإن آلية إضاعة الوقت قد تتسبب في إضاعة وقت لغاية خمس دقائق في المباراة. وبما أن مدة اللعب خلال المبارة 59 دقيقة من مجموع الوقت، يشكل الوقت الضائع استنزافا لمحبي كرة القدم. وعلى افتراض أن الرقم متشابه في الرياضة على صعيد العالم، فإن احتمالية الخسارة في كرة القدم كبيرة. ليس مستغربا أن الاتحاد الدولي لكرة القدم، ومجلس الاتحاد الدولي لكرة القدم، يدرسان تغيير قواعد اللعبة لإيقاف الوقت عندما يتوقف اللعب بالكرة.
ليس الأمر كما لو أن القيام بذلك قد يسرع العملية تلقائيا، كون القواعد الحالية تحفز الفرق على رفع وتيرة اللعب عندما تكون القيمة في الدقيقة سالبة، بالقدر نفسه كما في استراتيجية الإبطاء عندما تكون النتيجة إيجابية. تشير توقعاتنا إلى، أن رفع جودة اللعب الناجمة عن تغيير القواعد المقترحة، تعادل هدفا واحدا إضافيا في 11 مباراة. كما رأينا، ينظر إلى الأخطاء وإضاعة الوقت كوصمة عار على اللعب النظيف ونزاهة المنافسة بهذه اللعبة. ويبدو أن الاهتمام ينصب فقط على حالة إضاعة الوقت. قد يكون السبب له علاقة بالقيمة المتصورة عند المتفرج، فإضاعة الوقت تقضي على التشويق والإثارة في المبارة، ما يؤثر في تجربة المشجعين. من جهة أخرى، قد تستحوذ المواجهات الجسدية على انتباه المتفرجين. وقد يكون السبب كون كرة القدم الاحترافية تهتم أكثر بإعطاء الإثارة لجمهورها أكثر من صحة وسلامة اللاعبين.
تنطبق الدروس الواردة هنا على خارج كرة القدم أيضا. ففي عالم الأعمال، يجب أن يأخذ المتنافسون في الحسبان أن الأساليب الخادعة التي تبنوها للحصول على مكاسب لأنفسهم أو شركاتهم، قد تتعارض مع الهدف الأكبر، مثل الحفاظ على مشاركة العملاء. من جانبهم، يجب أن يكون المديرون حذرين من تأجيج مشاعر المنافسة عند الأشخاص التابعين لهم، لدرجة تدفعهم إلى كسر القواعد أو التحايل عليها في سبيل الفوز، خاصة عندما تؤثر الخسارة في مصلحتهم. يجب أن يكون الحافز ممزوجا بالحذر لضمان تحكيم العقل.           

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي