حشرة تحتل وجهك

نادرا ما تجد شخصا يحب الحشرات أو يستظرفها مثل أي كائن حي صغير مستضعف. أغلبنا يخاف منها ويتقزز من شكلها. يستنفر البيت كاملا عند اكتشاف حشرة أو حشرات به وتعلن حالة الطوارئ، فما بالك لو كانت تلك الحشرات تسكن وتتغذى وتتكاثر على وجهك؟!
أعلم أن ذلك شيء صادم ومقرف ومقزز لكنها الحقيقة التي لا مناص منها. حشرة مجهرية حقيقية طولها لا يتجاوز 3. 0 مليمتر ولها ثماني أرجل تشبه الدودة وتختلف عن باقي المخلوقات المجهرية "الميكروبات أو الطفيليات"، التي تعيش داخل جسدك.
تعرف باسم "ديموديكس" تعيش معك طوال العمر ليس في أي مكان وإنما تحتل وجهك، خصوصا رموش العينين والأنف والخد والجبهة، حيث يتوافر غذاؤها فهي تتغذى على دهون الوجه والجلد الميت وتموت بعد أسبوعين بعد أن تتزاوج وتضع بيوضها داخل مسام جلد الوجه!
لكن كيف لا نشعر بها؟ لأنها ببساطة نوع من السوس، من صنف القراديات، دقيق الحجم لدرجة أنه لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، تم اكتشافها عام 1842 على يد العالم سيمون، لا تولد مع الإنسان بل يكتسبها بعد سن الطفولة أو خلال فترة الإرضاع من حليب الأم، كما تفترض إحدى النظريات، وتظل مع الإنسان إلى أن يموت!
أثبتت الدراسات القديمة والحديثة وجود هذه الحشرة لدى الأغلبية العظمى من البشر، وكلما ازداد عمر الإنسان زادت نسبة وجود هذا النوع من السوس على وجهه، وقد تصل النسبة إلى 100 في المائة لدى العجائز وكبار السن، ولا علاقة لها بمدى نظافة الشخص من عدمه، كما لا يمكن القضاء عليها أو إزالتها باستخدام الصابون أو كثرة العناية الشخصية! لكن من المفرح أن هذه الحشرة الدقيقة لا تسبب أي أعراض أو أمراض في العادة، إلا عندما تزداد أعدادها بعض الأحيان بشكل كبير وتخرج عن السيطرة حينها تسبب أعراضا تظهر على الوجه مثل الاحمرار والحكة واحمرار الجفون وظهور الحبوب خصوصا الحبيبات الصلبة على البشرة!
لم يتمكن الباحثون حتى الآن من معرفة من أين اكتسب الإنسان هذه المخلوقات الصغيرة التي تتطفل على جسده، لكنهم يعتقدون أنه حملها في جسده منذ آلاف الأعوام، ويظنون أن دراسة الحمض النووي الخاص بها قد يكشف عديدا من الأسرار العلمية الغامضة، خصوصا أنها رافقت الإنسان خلال آلاف الأعوام، وتأثرت بالعوامل التي تعرض لها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي