Author

مسرح الأحلام

|

يعشق ابن صديقي فريق "مانشستر يونايتد"، وقد طلب من والده أن يزور المدينة البريطانية التي يوجد بها النادي، ليحقق حلمه بمتابعة مباراة للفريق الذي يشجعه بحماس في ملعب "أولد ترافورد" أو مسرح الأحلام كما يحلو لأنصاره تسميته.
وافق والده أن يقوم باصطحابه إلى ذلك الملعب، شريطة أن يعمل معه في المساء لساعتين يوميا، ولمدة ثلاثة أشهر، في مكتب المحاماة الذي يديره.
واجه الأب مقاومة شديدة من ابنه، الذي كان يفضل أن يقضي ذلك الوقت مع هاتفه وألعابه الرقمية. لكن الابن استسلم لطلب والده، حتى يحقق الرغبة الأهم وهي السفر إلى "مانشستر"، ومصافحة نجوم فريقه المفضل.
كان الولد يذهب إلى مكتب المحاماة في أول أسبوع بمشقة بالغة، يشعر معها أنه يتجرع دواء مرا، كلما هم بالذهاب إلى مكتب والده.
تعرف الشاب اليافع الذي كان يدرس في المرحلة الثانوية، على محامٍ يعمل في المكتب ذاته. وأخذ المحامي يشرح له عديدا من المصطلحات والإجراءات القانونية. أعجب الابن جدا بما سمع، وأخذه الفضول ليسأل كثيرا من الأسئلة.
الساعتان أصبحتا أربع ساعات إثر المتعة التي عاشها الابن.
الجميل أن الابن نجح في الفوز برحلة "مانشستر" بعد أن حقق شرط والده. لكن الأجمل في رأيي، هو فوز الابن بحب تخصص القانون الذي يدرسه حاليا في إحدى الجامعات في الرياض. ويتفوق ويبرع فيه.
فور أن نقل لي صديقي قصته مع ابنه، انتابتني رغبة عارمة في نقلها للجميع.
فما أجمل أن ندرس ما نحب ونتعلمه. وما أجمل أن نكافئ أبناءنا ونساعدهم في تحقيق أحلامهم، من خلال هذه الطرق المبتكرة التي توسع مداركهم وتسعدهم.
كل شيء يبدو صعبا وعسيرا في البداية، لكن سرعان ما يتحول إلى شيء هين وبين مع مرور الوقت. وقد يصبح شيئا جميلا ورائعا.
شكرا للأب الحريص الواعي، وشكرا أكبر للابن الذكي المثابر. فقد ضحى بوقت متعة قصيرة، ليكسب متعه أكبر.
دائما، علينا أن نشجع أبناءنا على تذوق نكهات جديدة، فلعلها تعجبهم أكثر من التي اعتادوها.
فقد ترشدهم إلى وجهة جديدة تبهرهم وتبهرنا. وتقودهم إلى مسرح الأحلام الذي ينتظرهم، للقيام بدور البطولة على منصته.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها