صناعة الوهم
لا يكاد يمر علي أسبوع في العيادة دون أن أرى مضاعفات استخدام الخلطات مجهولة المصدر، إما لغرض التبييض - وهذا الأكثر شيوعا - وإما لغرض علاج مرض جلدي، كالبهاق والصدفية وغيرهما من الأمراض الشائعة. ورغم كثرة الحملات التوعوية من وزارة الصحة والجمعيات العلمية، إلا أن هذه الظاهرة ما زالت مشاهدة، خصوصا في المجتمعات النسائية. ومع دخول وسائل التواصل الاجتماعي، زاد الوعي بمثل هذه السلوكيات، إلا أنه في الوقت نفسه زادت سهولة الترويج لهذه الخلطات المجهولة المكونات والمصادر، وأصبح من السهولة بمكان الحصول عليها، بل وتوصيلها إلى المستخدم بصورة سريعة. وما يجعل الموضوع أكثر خطورة هو احتواء كثير من هذه الخلطات على مكونات خطيرة أو مكونات لا بد من استخدامها تحت إشراف طبي، مثل مركبات الكورتيزون، حيث إن استخدامها يختلف بحسب الحالة سواء في اختيار التركيز أو المدة اللازمة لذلك. تراوح المضاعفات من أثر استخدام هذه الخلطات بين الالتهابات البسيطة، مرورا بالتأثير في بعض الأعضاء المهمة مثل العين وانتهاء - لا قدر الله - بالوفاة، خصوصا عند استخدامها عن طريق الفم. في جانب الأمراض الجلدية غالبا ما تكون المضاعفات صعبة العلاج، وتستدعي عديدا من الزيارات، إضافة إلى تكلفتها العالية، وذلك أملا في تحسين هذه المضاعفات الناتجة عن مثل هذه المكونات وعلى رأسها الكورتيزون. وأحب في الوقت نفسه أن أنبه إلى أن استخدام الكورتيزون الموضعي هو آمن جدا، إذا كان تحت إشراف طبي ولمدة معينة بخلاف استخدامه غير المنضبط. وعلى الرغم من الجهود المشكورة لوزارتي الصحة والتجارة لمكافحة مثل هذه الممارسات، إلا أن هذه الظاهرة منتشرة مع الأسف وتحديدا في طب الأمراض الجلدية والتجميل، ولذلك فإنها تستدعي مزيدا من الجهود لمكافحتها والحد منها.