الجشع والرغبة في تجميع الثروة «1 من 2»

إن الجشع نابع من فراغ داخلي أكثر منه رغبة في تجميع الثروة، بحسب مقولة جوردن جيكو الشهيرة في "وول ستريت"، "الجشع لعدم وجود كلمة أفضل أمر جيد. الجشع صحي، الجشع يؤتي ثماره. الجشع يفسر ويخترق ويلتقط جوهر الروح التطورية". فهل تعتقدون ذلك صحيحا؟
يعرف الجشع بأنه الهوس في السعي إلى تجميع الثروة، كما أنه إحدى الخطايا السبع. على الرغم من ذلك، يرى العلماء المؤيدون لعلم النفس التطوري أنه قد يكون هادفا. فهم يعتقدون أنه من خلال دفعنا نحو تكديس الممتلكات، بإمكان الجشع مساعدتنا على جذب الأصدقاء وأولئك الذين نتشارك معهم الشيفرة الجينية.
أفضل النظر إلى الجشع كآلية للتعامل. فمن خلال تعاملي مع أشخاص جشعين، لاحظت أن كثيرين يحاولون ملء فراغ داخلي أو حل مشكلة عاطفية أخرى. أذكر أن أحد التنفيذيين الأثرياء، ولنطلق عليه اسم "سيد"، جاء إلي طالبا المساعدة. كان سيد على حافة الطلاق، فلم تعد زوجته تحتمل جشعه وجعل نفسه في المحور، ولم يكن أبناؤه سعيدين معه أيضا كونه لم يعطهم الاهتمام الكافي. اعترف سيد بأن تفرغه لملاحقة الصفقات كان الشيء الوحيد الذي يشعره بالحياة. وشعر دائما بالحاجة إلى كسب مزيد من المال.
عندما سألت سيد لماذا يجعل المال محور اهتمامه، أخبرني أنه كبر وهو يشاهد والده رائد الأعمال يواجه الإفلاس عدة مرات. ويتذكر كيف كانت عائلته تتهرب من مواجهة الدائنين، وسخرية أطفال الجيران منه وعائلته بسبب وضعهم المادي.
أخبرت سيد أنه يجب أن يكون فخورا بالإنجازات التي حققها فقد أصبح اليوم مستقلا ماديا ويستطيع أن يفعل ما يشاء. فقال لي إنه لم يشعر قط بالأمان المادي وأعطاني عديدا من الأسباب غير المقنعة لعدم شعوره بالراحة والاطمئنان.
إن الثروة تعطي شعورا بالراحة في حال وجود اضطراب عاطفي، كما تسببت التجارب السيئة التي عاشها سيد في الماضي مع والديه بتقليل ثقته بنفسه. فعديد من الأشخاص الجشعين يلهثون خلف الثروة للتعويض عن النقص الذي يشعرون به. لكنهم يتجاهلون الثمن الغالي الذي يصاحب الجشع وهو الحياة غير المستقرة.
غالبا ما تكون الأمور المادية بمنزلة محاولة للتقليل من الشعور بالانزعاج. وفي الحقيقة، يمكن مقارنة سلوك الأشخاص الجشعين بالذين يتعاطون المخدرات. فكما الحال في المخدرات، لا تستطيع الأشياء المادية أن تعطي شعورا بالراحة والطمأنينة التي نسعى إليها جميعنا. وعلى النقيض، كلما أصبحنا أكثر جشعا اتجهنا نحو تحطيم الذات. ولسوء الحظ نادرا ما نتوقف في خضم انشغالاتنا لنسأل أنفسنا: "لماذا ألهث خلف الثروة دون تفكير؟"
من المفارقات أن الجشع لا يتعلق كثيرا بالأمور المالية. فهو أحد أعراض الاضطراب العقلي الذي يحاول ربط القيمة الذاتية بالقيمة المالية، وغالبا ما يكون ذلك على مستوى العقل اللاواعي. لكنه أشبه بالدلو الذي يسرب الماء، لا يمكن ملؤه، وقد تكون التكلفة عالية على الصعيد الشخصي. يصاحب الجشع في كثير من الأحيان مشاعر أخرى مثل الضغط والاضطراب والقلق والاكتئاب واليأس. إضافة إلى ذلك، فقد يتسبب في أنماط سلوكية سيئة مثل القمار والسرقة والخداع. في عالم الشركات، كتب جونن جرانت: "الاحتيال هو ابن الجشع"... يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي