هل ستكون إحدى ضحايا العالم الرقمي؟ «1 من 2»
معظمنا مرتبطون بشكل كبير بالعالم الرقمي، لدرجة أصبحنا فيه منفصلين عن الواقع، فقد كانت ميشيل التي تشغل منصب الرئيس التنفيذي للعمليات في شركة متعددة الجنسيات، أحد أكثر التنفيذيين احتراما في القطاع، الذي تعمل فيه. كانت مشهورة بقدرتها على تنفيذ عدة مهام في وقت واحد، وأنها متاحة دائما على الشبكة. على الرغم من محبة الموظفين لها، إلا أنهم كانوا يشعرون بالضغط للقيام بالأمر عينه. استقال عدد منهم في الآونة الأخيرة بسبب الإرهاق، وسلم اثنان آخران استقالتيهما.
وصفت ميشيل خلال اجتماعها مع مدربها، كيف كانت تقضي يومها قبل الذهاب إلى العمل، وكيف كانت تستغل ذلك الوقت في مناقشة أمور العمل مع زملائها على الهاتف. وبالمثل، استغلت كل دقيقة خلال سفرها للقيام بالأمر عينه. قضت معظم أوقات فراغها في الحفاظ على وجودها على شبكة "لينكدإن" ووسائل التواصل الاجتماعي. كانت فخورة بالرد على جميع الرسائل والتعليقات التي تتلقاها.
تساءلت ميشيل عما إذا كان ذلك سيؤثر في قدرتها على التركيز والتفكير على المدى الطويل؟. وكانت تواجه صعوبة في النوم، ولديها شعور دائم بالإرهاق. واعتقدت أن ذلك سبب لها مزيدا من الأخطاء وأثر في إنتاجيتها. وتساءلت إذا ما كان الحصول على تدريب ذهني سيساعدها على معالجة المشكلة؟.
ومن ناحية تأثير التكنولوجيا، بالنظر إلى عادات ميشيل في العمل، ليس من المفاجئ النتيجة التي توصلت إليها وزملاؤها في العمل. فقد كانوا تحت ضغط التكنولوجيا، وعدم القدرة على التعامل مع العالم الرقمي بطريقة صحية. كان من المفترض أن تسهم التكنولوجيا الرقمية في رفع الإنتاجية -وقامت بذلك إلى حد ما- ولكن لن تأتي تلك المزايا بدون تكاليف. يؤثر الضغط النفسي للواقع الافتراضي والتدفق المستمر للمعلومات بشكل سلبي على صحتنا. بغض النظر عن وجود ضغط عمل محتمل، تثير الضغوط المترتبة بالتكنولوجيا القلق والشعور بالإحباط، وعدم الرضا، وضعف الأداء، ومشكلات في الحضور. غالبا ما يتم تجاهل مشكلات الصحة العقلية بما في ذلك إدمان التكنولوجيا. عندما أجرت شركة البرمجيات RescueTime استطلاعا حول استخدام التكنولوجيا في العمل، فقط 10 في المائة من المشاركين أجابوا بأنهم يتحكمون في وقتهم. أظهرت بيانات 50 ألف مستخدم للشركة أنه لدى الأشخاص ساعة و12 دقيقة في اليوم لا يستخدمون خلالها وسائل التواصل، أو تتم مقاطعتهم بسببها. وأظهرت الدراسة أيضا أن 70 في المائة من الموظفين يبقون بريدهم الإلكتروني مفتوحا طوال اليوم، وفقط 20 في المائة لديهم استراتيجية مدروسة للتعامل مع الرسائل الإلكترونية الواردة.
لماذا نحن مهووسون أن نبقى دائما متاحين على الشبكة؟ لماذا يصعب علينا مقاومة صوت الرسائل القادمة والتنبيهات؟ ظاهريا، يبدو أننا نخشى من أن نصبح منسيين، للشعور بأننا أشخاص منتجون، والشعور بأننا ملزمون على أن نكون متاحين في العالم الافتراضي المتزايد. ينطبق الأخير على الرؤساء التنفيذيين الذين يعانون الشعور بالوحدة بسبب موقعهم.
يكمن وراء تلك الدوافع قوى نفسية وكيماوية تشبه إلى حد كبير إدمان المقامرة. فكما هو الحال عند الأشخاص المقامرين الذين يعيشون من أجل الشعور بالإثارة عند الربح، نشعر أننا مجبرون على تفقد بريدنا الإلكتروني، فقد يحتوي على رسالة ننتظرها بفارغ الصبر، أو مفاجأة سارة. بكلتا الحالتين، تحفز المكافآت العشوائية الدوبامين في الدماغ، وهو ناقل عصبي يعطينا الشعور بالرضا ويحفزنا على تكرار السلوك المثير... يتبع.