التفكير خارج صندوقك
في هذه الحياة سيمر بك عديد من المواقف والأحداث التي تصنع مشاعرك وأفكارك وخبراتك وتصوراتك، وحين تنتهي ستقوم تلقائيا بوضعها في صندوقك، وعندما يقابلك موقف مشابه أو مشكلة فإنك ستعود إلى صندوقك وتفتش عن حلول روتينية سبق أن استخدمتها، والعجيب أنه رغم علمك أن تطبيقك لها سيؤدي إلى نتائج باهتة فاشلة، فإنك تعود إلى صندوقك كل مرة. أما التفكير خارج الصندوق فيقصد به أن تستبعد كل تجاربك السابقة وأفكارك الروتينية وخبراتك المكتسبة، لتنطلق نحو حلول وأفكار إبداعية، أن تسمح لعقلك باختبار أفكار جديدة غير روتينية، حتى لو كانت في نظر الآخرين تافهة وعديمة الجدوى. لا تحصر أفكارك داخل صندوقك القديم، فستنتهي بك الحياة في نهاية المطاف من دون أن تختبر تلك الأمور الرائعة المجنونة، التي ربما كان سر سعادتك فيها لو غامرت وجربتها. باختصار التفكير خارج الصندوق هو أن تفكر بشكل إبداعي غير معتاد ولا مرتكز على خبراتك ومشاعرك وأفكارك المسبقة.
شارلز هولاند دويل مفوض البراءات والعلامات التجارية، قال عام 1899 حين كان الناس يركبون عربات الخيول "كل شيء كان من الممكن اختراعه فقد تم اختراعه"، تفكيره خارج الصندوق في ذلك الزمن نابع من إيمانه العميق بأن الأفكار الإبداعية هي التي تصنع الحضارة والمدنية، وتحدث تغييرا في مساريهما. وهذا ما حدث، فكل مظاهر التقدم العصري التي نعيشها كان سببها - من بعد الله تعالى - التفكير خارج الصندوق، الكهرباء، الطائرة، السيارة، التلفزيون، المكيف الهاتف، المكنسة الكهربائية، ووو.. كلها كانت أفكار إبداعية خارج الصندوق!
الجميل في الأمر أن التفكير خارج الصندوق قد يسهم أحيانا في تخفيف مشاعرك السلبية، حين تسمح لأفكارك بالانطلاق نحو أفق رحب من التساؤلات الإبداعية، فأنت في هذه الحالة ستدرك كم أنك مجرد نقطة لا تكاد ترى في هذا العالم الفسيح، وبالتالي ستؤمن بأن تركيزك على مشكلاتك وهمومك والدراما التي تعيشها هو من صنع أفكارك الروتينية في صندوقك القديم، التفكير خارج الصندوق سيجعلك تشعر بالامتنان لله تعالى، على كل النعم التي تعيشها، لكن مشاعرك وأفكارك وخيبات أملك المتكررة التي تعود إليها في صندوقك القديم وتركيزك السلبي على ذاتك تمنعك من ذلك.
تخيل أن يتم التصديق على قانون يلزم البشر أن يبادلوا أماكنهم وظروف حياتهم، من مبدأ المساواة والعدل البشري، ثم تكتشف أن القرعة وقعت عليك لتتبادل حياتك مع شخص في بلدة فقيرة، لا كهرباء فيها ولا ماء، ولا صرف صحيا، ولا إنترنت، ولا سيارة، وطعامك يعتمد على القمح فقط، ومسكنك كوخ لا يحميك من البعوض والحشرات.
لذا، اشكر الله سبحانه، وكن ممتنا، على الحياة التي تعيشها.