قسوة الكلمات
في إحدى دوراتي التدريبية، جاءتني فتاة على استحياء تعرض مشكلتها بخجل شديد قائلة: عمري 38 عاما، ولم أتزوج، وأعمل طبيبة، مشكلتي أني تعبت نفسيا من إخواني وأخواتي وزميلاتي؛ لاستغلالهم لي ماديا، وعذرهم أني لست متزوجة وما عندي التزامات، معظم القروض المالية التي أعطيهم إياها لا تعود، أصبحت أشعر بالدونية، ومن نظرتهم لي أني ما دمت لم أتزوج فما عندي التزامات مالية، كأنني أعمل وأشقى لأهبهم مالي، لو أخبرتك أن رصيدي الآن في المصرف لا يتجاوز الـ3000 ريال فربما لن تصدقيني، أصبح إحساسي باستغلالهم لي مسيطرا علي، فهل أنا على حق؟ أجبتها: أنا لم أستغرب سؤالك، بل استغربت أنك لم تشعري بهذا الاستغلال إلا في هذا الوقت المتأخر، عدم زواجك ليس مبررا لك لتدفني نفسك تحت كومة من المجاملات الاجتماعية؛ حتى لا تسمعي منهم كلمة تجرحك، أو حتى يهبوك حبا مشروطا، بغض النظر عندك زوج وأبناء أم لا فهذه أموالك، فأنت على كل حال لم ترثيها، ولم تفوزي بجائزة "يانصيب"، بل شقيت لتحصلي عليها، ما تقومين به الآن بكل بساطة أنك تشرعين أبواب الحياة لكل هؤلاء حتى يقوموا باستغلالك مقابل أن يمسكوا ألسنتهم ولا يتفوهوا بكلمة تجرحك بسبب تأخرك في الزواج، أو يهبوك حبهم المشروط، وهذا ما يحدث تماما.
كل ما عليك فعله الآن هو:
أولا: أن تقومي ببرمجة أفكارك حتى تكوني أكثر ثقة بنفسك، وارفضي أي استغلال مادي تتعرضين له، وكوني أكثر حزما في ذلك.
ثانيا: من يقترض منك فلا تقومي بإعطائه قرضا مرة أخرى إلا إن كان قد أعاد المبلغ الأول، واجعلي ذلك قانونا.
ثالثا: اطلبي منهم التوقف عن تكرار حقيقة أنك تأخرت في الزواج، وأنه ليست لديك التزامات، فإن ذلك لا يريحك.
رابعا: كوني مؤمنة في داخلك بأن تأخر سن الزواج هو خيرة من الله سبحانه، فربما كان يخبئ لك الأفضل، أو يبعد عنك شرا، أو له حكمة في الأمر نجهلها كبشر.
خامسا: استمتعي بحياتك، ولا تحصريها في نطاق العمل فقط، وانخرطي في فرق تطوعية، واجعلي لك التزامات اجتماعية تشعرك بأهميتك كإنسانة، كزيارات دور المسنين والأيتام وغيرهما.
بعض النساء يفتقدن الذوق واللباقة حين يلمزن إحداهن بعدم زواجها، رغم اشتياقها لتكوين أسرة وأطفال، ولكنها أقدار الله التي لم تأت بعد.
أحيانا لا نشعر بقسوة الكلمات إلا حين تقال لأحبتنا.. فرفقا بقلوب الآخرين حتى لا تلسع الأيام قلوب أحبتكم.