ربط السياسات باستثمارات القطاع الخاص
يهدف "الاتفاق مع إفريقيا" إلى تحفيز الاستثمار الخاص في القارة. ويضم مجموعة العشرين، ومجموعة البنك الدولي، وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي.
- تشمل البلدان الموقعة على "الاتفاق" بنين وكوت ديفوار ومصر وإثيوبيا وغانا وغينيا والمغرب ورواندا والسنغال وتوجو وتونس.
- يظهر أول تقرير لمتابعة الاتفاق أن ثمة تقدما كبيرا تحقق في تنفيذ إصلاحات الاقتصاد الكلي، مع الحاجة إلى مزيد من العمل لتحسين بيئة أنشطة الأعمال وتعميق أطر التمويل.
على مدى العام الماضي، كان اتفاق مجموعة العشرين مع إفريقيا محل تساؤل بين عديد من الزملاء العاملين في مجال التنمية الدولية: ماذا يعني؟ ما الذي يحمله للبلدان الإفريقية؟ ما وجه الاختلاف بينه وبين ما نقوم به بالفعل؟ كيف يكمل أو يضيف إلى العمل الذي تقوم به مجموعة البنك الدولي؟
ويعكس هذا الفضول وعيا متزايدا بالدور الذي ينبغي أن يقوم به القطاع الخاص لمساعدة إفريقيا على إنجاز أهدافها الإنمائية.
وإضافة إلى القمم رفيعة المستوى التي تعقدها مجموعة العشرين والبيانات الصادرة عنها، فإن المجموعة تمارس أنشطة غاية في الأهمية من خلال عديد من المسارات بما فيها مسار التمويل الذي يضم وزراء مالية ومحافظي البنوك المركزية لمجموعة العشرين. وعبر هذا المسار التمويلي، تم تدشين الاتفاق في آذار (مارس) من عام 2017 في ظل الرئاسة الألمانية لمجموعة العشرين. ويركز الاتفاق على المسائل المتعلقة بالاقتصاد الكلي، التي تشكل ركيزة لزيادة تمويل البنية الأساسية وزيادة الاستثمار الخاص في البلدان النامية.
ويقوم "الاتفاق مع إفريقيا" على فرضية أساسية تتمثل في أن استقرار الاقتصاد الكلي، وتوفير بيئة مواتية للاستثمار، والوساطة الفعالة للقطاع المالي، تعد جميعها شروطا ضرورية لتشجيع الاستثمارات الخاصة. ومع تحسن الركائز الثلاث السابقة يسعى الاتفاق إلى حشد استثمارات القطاع الخاص في البلدان الأعضاء، وتقوية الروابط بين مبادرات مجموعة العشرين، والمنظمات الدولية، والبلدان الإفريقية.
وبموجب الاتفاق:
- تلتزم البلدان الإفريقية بتحديد التحسينات المطلوبة في الركائز الثلاث للاتفاق وتبني إصلاحات ذات صلة. ومن بين هذه التعديلات، التصدي لبعض القضايا مثل تدبير الإيرادات المحلية، الإصلاحات المتعلقة بممارسة نشاط الأعمال، وتخفيف القيود المفروضة على تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
- توافق المنظمات الدولية، وتضم مجموعة البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وبنك التنمية الإفريقي، على التنسيق الوثيق بدرجة أكبر، وزيادة المساعدات الفنية لتنفيذ الإصلاحات المحددة وزيادة الدعم لإعداد مشروع البنية الأساسية.
- يلتزم أعضاء مجموعة العشرين بتشجيع مستثمريهم وشركاتهم على الاستثمار في بلدان الاتفاق.
- فرق الاتفاق في كل بلد ملتزمة بالعمل على كل ما سبق. ويقود هذه الفرق ممثلو البلدان لدى المنظمات الدولية، ومن بينهم مسؤولون كبار من وزارات المالية والتجارة والاستثمار.
- تحدد مصفوفة الإصلاحات، التي وضعها كل فريق من فرق الاتفاق، أولوية الإصلاحات التي يلتزم شركاء الاتفاق بالتصدي لها معا من خلال نهج يستمر عدة سنوات.
خلال اجتماعات الربيع، عرضت مجموعة البنك الدولي على وزراء مالية مجموعة العشرين أول تقرير لمتابعة الاتفاق. وخلال العام الأول للاتفاق، أحرزت البدان الاعضاء تقدما كبيرا في تطبيق إصلاحات الاقتصاد الكلي، فيما تظل هناك حاجة إلى مزيد من العمل على صعيد إصلاح قطاع الأعمال وزيادة مشاركة القطاع المالي. كما أصدروا نشرات للشرح لتشجيع استثمارات القطاع الخاص. وحث التقرير بلدان الاتفاق على إجراء مزيد من الدراسات التحليلية حول القيود المعوقة لكل قطاع على حدة، وعلى تحديد أولويات الإصلاح. كما أوصت بأن تعمل مجموعة العشرين بنشاط أكبر مع القطاع الخاص داخل المجموعة لمنح اهتمام أكبر لبلدان الاتفاق، ومن ثم الاستثمار فيها.
ثلاثة ملامح رئيسة للاتفاق تميزه عن الممارسات السابقة
- "الاتفاق مع إفريقيا" مبادرة طويلة الأجل تعزز أهداف مجموعة البنك الدولي لتعظيم تمويل التنمية. فعمليات البنك الدولي في العادة تدعم البلدان من خلال استثمارات قصيرة الأجل أو عمليات لسياسات التنمية. وبتشجيع المراجعة المستمرة لأولويات الإصلاح وفقا لتطور أوضاع البلاد، فإن النهج غير المحدد المدة للاتفاق يجعل من الأيسر مواصلة الاهتمام بالإصلاحات المؤسسية على مدى 15 عاما التي تحددها الأبحاث لتحقيق الاستدامة. ولذا، فإن مصفوفة الإصلاحات تتيح للبنك الدولي مسارا إضافيا لدعم الإصلاحات.
- يحقق "الاتفاق مع إفريقيا" المساءلة المشتركة، والفحص المستمر، والمراقبة، والشفافية. ويتم نشر قوائم الإصلاح على الموقع الإلكتروني للاتفاق. وتعقد اجتماعات افتراضية لجميع فرق الاتفاق ومجموعة العشرين كل ثلاثة شهور على الأقل، وهناك أيضا متابعة رسمية نصف سنوية. وتهدف هذه الإجراءات إلى بناء الثقة بشأن جاهزية البلدان الأطراف في الاتفاق للاستثمار، بما فيها البلدان الأصغر التي قلما تذكر في النقاشات حول الاستثمار في إفريقيا.
- يشمل "الاتفاق مع إفريقيا" دول القارة كافة. فالمبادرات السابقة الخاصة بإفريقيا تميل إلى تقسيم القارة - من عربية إلى إفريقية جنوبي الصحراء، ومن ناطقة بالفرنسية إلى ناطقة بالإنجليزية، وهكذا. ويضم الاتفاق إفريقيا في مبادرة واحدة، ليوجد الظروف الملائمة لإطلاق أقطاب عديدة للنمو بالقارة لا تقوم فقط على جنوبي إفريقيا في الجنوب، بل أيضا على بلدان مثل المغرب في الشمال. ومن هذا المنظور، ينسجم الاتفاق مع طموحات منطقة التجارة الحرة الإفريقية التي أعلن عنها أخيرا، ومع ما خلص إليه تقرير منع تشرذم إفريقيا الذي يشير إلى وجود فرص هائلة لزيادة التجارة عبر الحدود في إفريقيا، بما فيها المنتجات الغذائية والصناعات الأساسية - وهي أولويات بالنسبة للبلدان الأعضاء في الاتفاق.
الاتفاق مع إفريقيا يؤكد فكرة أن التنمية هي جهد مشترك له التزامات وتعهدات ومساهمات تتقاسمها جميع البلدان النامية، ومنظمات التنمية، وبشكل متزايد، القطاع الخاص. وهو في هذا يتسق مع المسارات التي بات من المفهوم على نطاق واسع الآن أنها ضرورية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة والهدف المزدوج لمجموعة البنك الدولي المتمثل في القضاء على الفقر المدقع وتعزيز رفاهية الجميع.