المبادرة .. من أين؟

عندما بلغت الشركة المنتجة لمياه بيريه بوجود شوائب في بعض قنينات المياه التي تنتجها، بدأت حملة إعلانية كبيرة، قامت من خلالها بسحب جميع كميات المياه الموجودة في السوق، وأخرى اشتراها مستهلكون في كل مدن العالم. أكدت الشركة أن التشغيلة المتأثرة في حوزتها، لكنها حريصة على ضمان ألا تكون هناك حالات لم يتم إبلاغ الشركة عنها.
تم خلال الحملة سحب ملايين القنينات، وتحملت الشركة تكاليف تجاوزت 45 مليون دولار لضمان ألا تفقد مصداقيتها في السوق. توقفت الشركة عن الإنتاج شهرين ونصف لتعود منتجاتها إلى السوق أكثر قوة ومكانة؛ بسبب الثقة العالية التي حصلت عليها بناء على تصرفها الواعي.
هذه المبادرات التي نحتاج إلى مثلها في سوقنا تدل على نضج السوق وكفاءة المتعاملين، وفي منطقة أكثر اتساعا، قدرة الأجهزة الرقابية والحمائية التي يعلم المنتج أو مقدم الخدمة أنها ستكون له بالمرصاد، لو اكتشفت العيوب والأخطاء التي يمكن أن تضر المستهلك، من التعامل القوي مع تجاوزات شركة فولكسفاجن، التي كتبت عنها قبل أيام.
كيف يمكن أن تنمي الجهات الرقابية هذا الحس لدى المتعاملين في السوق؟ أمر يحتاج إلى التخطيط المتوازي بين هذه الجهات، والاطلاع المستمر على التطورات في السوق، من خلال وسائل عديدة أهمها التقنية التي تسبر وضع السوق والمتعاملين، وتوجِد حالة من الاحترام للجهات العاملة في حماية المستهلك.
هناك دور مهم للأجهزة التابعة للمجتمع المدني، التي تهتم كذلك بتوفير المعلومات عن رضا وقناعة المستهلك، وتسهم في توعية الناس بما يستجد في مختلف القطاعات التي يتعاملون معها محليا وعالميا. وينتج هذا حالة من الوعي المهم لدى المستهلك، يتولد عنها مزيد من الثقة والاحترام لهذه الأجهزة، كما يولد حالة من التفاهم والتفاعل الأساسي في عمل الجهات.
عندما أعلنت وزارة التجارة خطرا ينتج عن استعمال مادة معينة موجودة في السوق، وطلبت من الوكيل أن يستقبل أي كميات تم شراؤها سابقا ورد قيمتها إلى المستهلك، نكون في منطقة أقل نضوجا، لكنها مهمة للوصول إلى المرحلة المتقدمة، التي يقوم فيها الوكيل نفسه بفتح أبوابه لمن اشتروا هذا المنتج، وإيقاف بيعه في منافذ التوزيع.
المهم أن تكون المبادرات من عدة جهات، وأهمها المواطن، في التعامل مع التجاوزات التي تطوله لتتكون المنظومة المطلوبة، وتصبح فاعلة حقا.

المزيد من الرأي