default Author

الرنمينبي وسلة العملات العالمية

|

أضيفت العملة الصينية، الرنمينبي أخيرا، إلى سلة العملات التي تشكل حقوق السحب الخاصة لصندوق النقد الدولي SDR. في الماضي، تم تحديد حقوق السحب الخاصة كمتوسط مرجح لعملة الدولار، واليورو، والجنيه الاسترليني، والين الياباني. الآن بعد إضافة الرنمينبي، أصبح واحدا من بين خمس عملات عالمية فقط.
هل علينا أن نهتم بهذا الخبر؟ يهتم الصينيون كثيرا بهذا الأمر. في بكين، حيث كنت في أواخر الشهر الماضي، شكل انضمام الصين إلى نادي حقوق السحب الخاصة حديث كل الناس. "حسنا، والحق يقال، أرادوا أيضا أن نتحدث عن دونالد ترمب".
يعد الصينيون إضافة الرنمينبي إلى سلة حقوق السحب الخاصة مصدر فخر واعتزاز وطني، حيث يرمز ذلك إلى ظهور الصين كقوة عالمية. وبررت الجهود التي تبذلها الحكومة لتشجيع استخدام الرنمينبي في المعاملات عبر الحدود، محررا الصين وبقية العالم من الإفراط في الاعتماد على الدولار.
ولكن حقيقة الأمر هي أن إضافة الرنمينبي إلى سلة حقوق السحب الخاصة لها أهمية عملية صغيرة. حقوق السحب الخاصة ليست عملة. إنها مجرد وحدة تستعملها تقارير صندوق النقد الدولي في حساباتها المالية. وتوجد فقط حفنة صغيرة من السندات الدولية في حقوق السحب الخاصة؛ وذلك لأن المصارف والشركات لا تجد هذا الخيار جذابا بشكل خاص. يوجد المصدر الرئيس لسندات حقوق السحب الخاصة في منظمة شقيقة لصندوق النقد الدولي؛ أي البنك الدولي "إذ لا يحق للصندوق نفسه إصدار سندات".
الأثر العملي الوحيد المترتب على إضافة الرنمينبي إلى سلة حقوق السحب الخاصة هو أنه أصبح الآن عملة يمكن للبلدان سحبها، جنبا إلى جنب مع العملات الأربع الأخرى المكونة لحقوق السحب الخاصة، عندما تقترض من صندوق النقد الدولي. الزمن وحده يمكن أن يقول كم عدد البلدان التي سترغب في ذلك.
وصرح الصينيون بأنه يجب النظر إلى إضافة الرنمينبي إلى سلة حقوق السحب الخاصة في سياق أوسع؛ إذ هي واحدة من سلسلة من الخطوات لتشجيع استخدام الرنمينبي في المعاملات الدولية. ويشمل هذا البرنامج مفاوضات لعقد اتفاقيات تبادل العملات، الآن هناك أكثر من 20 من هكذا اتفاقيات، بين بنك الشعب الصيني "البنك المركزي" والبنوك المركزية الأجنبية. كما يتضمن البرنامج تعيين مؤسسة مالية صينية لتقديم خدمات المقاصة والتسوية للمعاملات في الرنمينبي في كل مركز مالي رائد "في أيلول (سبتمبر)، على سبيل المثال، تم اختيار بنك الصين كبنك المقاصة الرسمي لنيويورك". ويجري الترخيص لكيانات أجنبية من أجل إصدار سندات بالرنمينبي في الصين نفسها. في نهاية آب (أغسطس)، أصبحت بولندا الحكومة الأوروبية الأولى للقيام بذلك.
ولكن الواقع، مرة أخرى، هو أن هذه الخطوات رمزية أكثر منها مادية. المبادلات بالرنمينبي على مستوى بنك الشعب الصيني غير مستخدمة بشكل كامل تقريبا. ولم تشهد المصارف التطهيرية المعينة عمليات مالية أو تجارية كبيرة. كما أن الودائع المصرفية بالرنمينبي في الخارج آخذة في التساقط. أما نسبة التجارة السلعية للصين بالرنمينبي فقد تراجعت منذ منتصف عام 2015. وليس هناك ما يشير إلى أن حكومات أخرى ستخطو الخطوات الجريئة نفسها للحكومة البولندية قريبا.
لإعادة صياغة شكسبير، لا يكمن الخطأ في النجوم، بل في الأسواق المالية الخاصة في الصين. منذ منتصف عام 2015، أصبحت سوق الأسهم في البلاد في مأزق. وقد حذرت كل المنظمات الدولية، من صندوق النقد الدولي إلى بنك التسويات الدولية، من مشكلات في سوق سندات الشركات الصينية. وإذا ارتفع العجز عن سداد القروض للشركات على نطاق واسع، كما تتوقع هذه المنظمات، فإن الآثار المترتبة على المصارف ستكون وخيمة. المشكلة هي التكتيكات الخاطئة التي تقوم بها الحكومة الصينية. تعتقد الحكومة وبنك الشعب الصيني، أن استرخاء ضوابط رأس المال، والسماح لرأس المال بالتدفق بحرية أكبر داخل وخارج البلاد، سيجبر المشاركين في الأسواق المالية على الرفع من مستوى الأداء. وعلى الشركات أيضا رفع مستوى المعايير المحاسبية، وعلى المصارف ممارسة إدارة المخاطر، للتعامل مع وتيرة أسرع من المعاملات المالية، وستكون النتيجة أسواقا مالية أكثر سيولة ومستقرة، وهذا بدوره سيجعل الرنمينبي أكثر جاذبية كوحدة للحساب، وكوسيلة للدفع، وحفظا للقيمة بالنسبة للمقيمين والأجانب على حد سواء.
مع الأسف، الافتراض والنتيجة شيئان مختلفان. إذا كانت المصارف والشركات الصينية بطيئة لضبط وتحرير تدفقات رؤوس الأموال الدولية، فإن ذلك لن يؤدي إلا إلى مزيد من التقلبات، وعدد أقل من الودائع في الخارج، وتقليل الاعتماد على الرنمينبي لتسوية المعاملات الخاصة بالبضائع - بالضبط كما كان الحال في الآونة الأخيرة. ينبغي لصانعي السياسات في الصين الآن وضع الحصان أمام العربة. أهم خطوة يمكن اتخاذها لدعم تدويل الرنمينبي هي تعزيز الأسواق المالية المحلية، وتحديث التنظيم وتبسيط إنفاذ العقود. إذا أرادت الصين تحويل الرنمينبي إلى عملة عالمية من الدرجة الأولى، ينبغي أن تولي اهتماما أقل لتداول الرنمينبي في نيويورك، ولوزن العملة في سلة حقوق السحب الخاصة، وأن تولي اهتماما أكبر لتطوير عميق للسيولة والأسواق المالية المستقرة داخل البلاد.

خاص بـ"الاقتصادية"
حقوق النشر: بروجيكت سنديكيت

إنشرها