Author

مساعدة بسيطة

|

سألت أحد الأصدقاء عن أجمل مبادرة قام بها في حياته. سرد لي مجموعة من المواقف لكن لفتني ما حدث له في نهاية تسوقه من سوبر ماركت. كان يسبقه إلى المحاسب رجل في الـ50 من عمره يدفع عربة مليئة بالمنتجات والمواد الغذائية. وعندما هم جاره ليدفع قيمة مشترياته التي وصلت إلى أكثر من 800 ريال سعودي لم تعمل بطاقته. قال له المحاسب بعد أن جرب استخدامها ثلاث مرات: "لا بأس، سأضع مشترياتك داخل أكياسها في العربة، وسأنتظرك ساعتين". رفض المتسوق وقال: "متأكد أن في بطاقتي رصيدا سأتواصل مع البنك حالا لأجد حلا عاجلا، فالوقت لا يسمح لي الآن أن أذهب وأعود لك". اتصل على البنك سريعا وتساءل عن سبب عدم عمل البطاقة وأخبره البنك أن بطاقته انتهت مدتها، وعليه التأكد من صندوق بريده للعثور على بطاقته الجديدة أو التوجه إلى أقرب فرع للبنك في صباح الغد لاستخراج بطاقة جديدة، بعد أن أصغى زميلي للموقف قاطعهما وعرض على المتسوق أن يدفع عنه قيمة مشترياته، ومن ثم ينسق معه للحصول على المبلغ لاحقا. رفض المتسوق في البداية لكن رضخ للأمر الواقع بعد إلحاح صديقي. اشترط المتسوق أن يكتب له ورقة يثبت من خلالها استدانته لهذا المبلغ منه. إضافة إلى الحصول على رقم حسابه المصرفي. دفع صديقي المبلغ موقنا أنه سيحصل على 800 ريال وقبل ذلك متأكدا أن الله سيمنحه الأجر إثر موقفه الإنساني. بعد أقل من 24 ساعة عادت الـ800 إلى حساب صديقي. كما بدأت علاقة جميلة بينه وبين المتسوق صاحب البطاقة منتهية الصلاحية.
أسفرت هذه العلاقة عن صداقة عميقة بينهما أثمرت عن شراء صديقي لمنزل بسعر مغر عن طريق ذلك المتسوق الذي ظهر فيما بعد أنه يعمل في شركة مقاولات كبيرة تبني مشاريع سكنية.
يسكن زميلي هذا المنزل الأنيق منذ ثلاث سنوات واشتراه بسعر مناسب وبعد خصم كبير إثر موقف إنساني لم يكن يبحث منه سوى عن تفريج كربة مسلم. ولَم يكن المنزل الشيء الوحيد الذي جناه صديقي من المتسوق، وإنما جنى كثيرا من الاستشارات الهندسية والإنشائية له ولإخوته. فقد كان المتسوق سخيا جدا مع صديقي وداعما كبيرا له. موقف صغير أدى إلى علاقة كبيرة.
مساعدة بسيطة لإنسان بجوارك لا تساعده فقط بل تساعدك.
هذه المواقف تجعلنا نتأمل ما حولنا وأن كثيرا من الأشياء الجميلة التي نظفر بها لا ننالها بالأخذ بل بالعطاء. فكلما أعطينا أكبر ننال أكثر.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها